وبينا الأمير تيمور كان عازما على غزو الصين والخطا إذ وصل إليه قاصد من سلطان مصر ومعه كتاب مضمونه أن السلطان أحمد وقرا يوسف من هيبة العساكر السلطانية (جيش تيمور) قد التجأ إلينا وقد حبسناهما وأرسلنا الخبر بذلك لاستطلاع الرأي الشريف بما يأمر فكتب في الجواب أن السلطان أحمد يقيد ويرسل إلينا وأما قرا يوسف فيحز رأسه ويبعث إلينا أيضا (١).
وقبل أن يرسل قاصد مصر علم أن قد توفي تيمور في طريقه إلى الصين والخطا فلم ينفذ مرغوب تيمور في حق المذكورين ... وأثناء بقائهما بمصر ولد لقرا يوسف ابن سمي پير بوداق كان يتعهده السلطان أحمد وهناك تعاهدا إن أنجاهما الله تعالى من هذا القيد وأقبل عليهما الدهر مرة ثانية فيكونان متفقين ، متحدين ، والأساس المتفق عليه هو جعل بغداد للسلطان أحمد وحكومة تبريز للأمير قرا يوسف ثم إن قرا يوسف رأى رؤيا مؤداها أن الأمير تيمور أعطى له خاتما من خواتيمه فقصها على السلطان أحمد فكان تعبيره لها أنه سينال قطرا من الأقطار التي يملكها تيمور ...
مضت مدة على اعتقالهما ثم جاءت الأخبار إلى مصر بوفاة الأمير تيمور وحينئذ أفرج عنهما سلطان مصر وأنعم عليهما بإنعامات وافرة وأن الأمير قرا يوسف كان قد بقي من جماعته ثلة كبيرة وعند ما كان يسير راكبا يظهر بعين الجلال والأبهة فكره المصريون منه ذلك وأنكروا عليه تيهه فشعر بالأمر وعندئذ استأذن السلطان بالذهاب فأذن له فسار هو ومن معه مسرعين إلى ديارهم مع أهليهم وجاؤوا إلى ديار بكر وقد لقوا عناء في طريقهم من حراس القلاع إلا أنهم لم يبالوا وظفروا في كل المعارك التي حدثت بينه وبينهم أثناء مرورهم. وصلوا الفرات وتقدموا إلى ديار
__________________
(١) الغياثي ص ٢٤٥.