وتخريبات ... أما الجلايرية فنعتبرهم أهون الشرين والاستفادة منهم مصروفة إلى أن العراق كان قد اتخذ عاصمة لهم في غالب عهدهم فأصابته العمارة نوعا ، أو النضارة لا لأهليه بل ليروا ويبصروا ...
ولا أمل للعراقي أن يصل إلى مأرب ، أو يحصل على مطلوب ، أو ينال سعة من رزق وهؤلاء لم يقصر أحد منهم في نهبه وسلبه الأتعاب والممتلكات ما وجد إلى ذلك سبيلا ، لا يرغب إلا في سد نهمه ... والعراقي أشبه بالحيوان الأعجم يطعم ليحمل الأثقال ، أو ليقوم بالخدمة والحاجة ... تنازعت هذه الحكومات بينها للاستيلاء علينا ، وتقابلت بسببنا ... ولا هم لواحدة منها إلا التنعم بنا ...
وعلى كل قضي على هذه الحكومة لتخلفها حكومة جديدة مثلها أو دونها ... وكتبت علينا الأرزاء وكل جديد في الحكم يتطلب نفعا منها جديدا وكثيرا ، يريد أن نكون (بقرة حلوبا) ، أو (دابة ركوبا) ... وهكذا لا ندري مصيرنا في هذا العصر وما ستجره الأيام من الويلات ... والبدوي أهون شرا ، وأقل كلفة ، يركن إلى المواطن البعيدة ، والخافية عن الأنظار ، أو أنه يخطب القوم وده إذا كانت له الإمارة على جملة قبائل ... وتميل العشائر إلى الأقوى من هؤلاء التماسا وراء الراحة والاستفادة ... والأحوال الحربية المتوالية ، والمعارك الدامية مما شوش النظام الداخلي وقضى على الإدارة الثابتة والمطردة ... ولو لا الموقوفات لأهل الخير لما عمرت المدارس ولذهبت ريح العلم من البين إلا أن بقايا العلماء ذهبوا إلى البلاد الأخرى من طريق الحج أو ما ماثل من الأعذار فنجد العلماء العراقيين قد انتشروا في الأطراف ولم يعلم عن الباقين إلا القليل ... وسير الحالة على ما سيوضح ...
هذا والحديث ذو شجون ، لا يحتمل البيان أكثر ...