ويطول بنا تعداد ما هنالك ، وأول أمر يلفت النظر ما له ارتباط وعلاقة بالآثار الإسلامية ، ويكفي لمعرفة المتكامل منها عندنا أن نسرح أبصارنا في آثار مملكتنا ومخلداتها ؛ أو في المنقول منها إلى متاحف استانبول والمدن الكبرى أمثال متاحف برلين وباريس ولندن وأميركا ... فنرى هذه قد بلغت المنتهى من الاتقان ، وفيها ما يمثل المجالس العلمية ، ومجتمعات العلم والأدب ، أو الخلاعة أو الحروب والصيد ... وهكذا مما يبهر الناظر ، ويسترعي وقوف البصر حيران مبهوتا ، أو على الأقل يدعنا نقطع بأن الصانع العراقي قطع شوطا في الصبر والمثابرة على إكمال مهمته ، والتفوق في مهنته بما زاوله ... سواء كان في محاذاة غيره أو محاكاة الطبيعة ، وتقليد ما في أيدي الآخرين ... أو كان عمله مما أبدعه أو اخترعه خياله ، أو ابتكره ذوقه ...
إن الصناعة وكمالها ، والنقش وضروبه ... تجتذب النفوس إليها بمرآها ، ويهيج الشعور الحي بدقتها ، ويؤدي إلى درجة الاعتناء بالفنون الجميلة ... ولا تكفي هذه وإنما يجب أن نتفحص تطورها ، أو سيرها التاريخي في مختلف الأزمان ... ولكن لا مجال لنا إلا أن ننظر إلى حالتها التي عليها في هذا العهد من بين العصور الأخرى لنشاهد إلى أي جهة سائرة ... فنكون على بينة من حركة الفنون الجميلة والصناعات النفيسة فنعلم أثرها في مفترق الطرق ، وما ولدته العصور أو الحضارات حتى برزت ... فتدهورت وانحطت أو تكاملت وارتفع شأنها ...
كان العصر العباسي من أوضح العصور الإسلامية في تكامله ، لا يخلو من التأثر بالصناعات قبله ولكنه جاء بها موافقة لذوقه ومعرفته ، وتابعة لمقتضى تربيته ونحو ما يرغب فيه ... فكان لها طابعها الخاص ... وأما في العصر المغولي فقد جاءت مستقاة من ناحية صينية وتغلبت عليها حتى في ثقافاتها الأخرى ، ولا تخلو من التأثر بالصناعات