على البحر الأبيض المتوسط فالتمسوا أن يكون طريق تجارتهم أوسع أو حرا خالصا لهم ، فصاروا يتحرون ما يسهل أمر هذه التجارة وأن يأتوا من طريق أخرى لعلهم يستفيدون منها ويخرجوا إلى مواطن جديدة. فكانت نتائج ذلك أن اكتشف الأسبان أميركا من ناحية نائية لم تمس حقوق التجارة الإسلامية والشرقية كما أن البرتغال اكتشفوا «رأس الرجاء الصالح» ويسمى (رأس عشم الخير) عند المصريين ، فجعلوا سفنهم تتجول في سواحل إفريقيا ، وسواحل العرب ، وسواحل الهند .. كان ملك البرتغال عمانوئيل الأول قد أمر واسكو دوغاما الأميرال أن يذهب بسفنه لاكتشاف طريق الهند فسار من لشبونة سنة ١٤٩٧ م ـ ٩٠٣ ه خرج إلى سواحل إفريقيا الغربية حتى وافى رأس الرجاء الصالح. وتمكن من السيطرة على تلك الأنحاء. وإن سلطة العثمانيين كانت قوية في البحر الأبيض المتوسط ، والصلة بمصر للاتصال بالهند كانت مخطرة صعبة جدا على البرتغاليين ، فالتمسوا الطريق إلى الهند ، فتمكنوا من الوصول إلى الغرض. وسيطروا على سواحل المحيط الهندي ، وقطعوا الصلة بالتجارة إلا من طريقهم.
ذلك ما هدد تجارتنا وتجارة الهند معا ، أو حول وضعها ، ومثلها تجارة إيران ، ومصر وصرف وجهتها ومبدأ ذلك على ما دونه مؤرخونا قد تعين أيام السلطان الغوري. فتغيرت الحالة.
قال في الشذرات : «في آخر أيام الغوري (١) في حدود سنة ٩٢٠ ه ظهر البرتقال على بنادر الهند ، استطرقوا إليها من بحر الظلمات (البحر
__________________
(١) الملك الأشرف أبو النصر قانصوه بن عبد الله الجركسي المشهور بالغوري (٩٠٦ ه : ٩٢٢ ه) وخلفه طومان باي ابن أخيه من سنة ٩٢٢ ه : سنة ٩٢٣ ه) وهذا آخر ملوك الدولة الجركسية بمصر فانقرضت دولتهم باستيلاء السلطان سليم الياوز من ملوك العثمانيين عليها وقتله في ١٢ جمادى الأولى سنة ٩٢٣ ه ـ ١٥١٧ م.