المحيط الأطلسي المعروف بالأتلانتيكي) من وراء جبال القمر منابع النيل (اجتازوا من رأس الرجاء الصالح) فعاثوا في أرض الهند ووصل أذاهم وفسادهم إلى جزيرة العرب وبنادر اليمن وجدة. فلما بلغ السلطان الغوري ذلك جهز عليهم خمسين غرابا مع الأمير حسين الكردي (١) وأرسل معه عسكرا عظيما من الترك والمغاربة واللوند وجعل له جدة إقطاعا وأمره بتحصينها. فلما وصل حسين الكردي شرع في بناء سورها وإحكام أبراجها وهدم كثيرا من بيوت الناس مع عسف وشدة ظلم بحيث بنى السور جميعه في أقل من عام ثم توجه بعساكره إلى الهند في حدود سنة ٩٢١ ه. فاجتمع بسلطان كجرات (خليل شاه) (٢) فأكرمه وعظمه وهرب الفرنج عن البنادر لما سمعوا بوصوله. ثم عاد حسين الكردي إلى اليمن فافتتحها من (بني طاهر) ملوكها وقتل سلاطينها في هذه السنة وترك فيها نائبا في زبيد اسمه (برسباي الچركسي). وتم الأمر الذي لا مزيد عليه له وللسلطان الغوري ... ثم عاد حسين إلى جدة وقدم مكة فبلغه زوال دولة الغوري. وورد أمر السلطان سليم بقتل حسين الكردي فأخذه شريف مكة بغتة وقيده وشمت به وأرسله لبحر جدة فغرقه فيه» (٣).
ويوضح هذا ما جاء في البرق اليماني في الفتح العثماني :
__________________
(١) قال عنه في سجل عثماني : «هو كردي وأن البرتغال بدأوا في ضبط كجرات ودكن واليمن في سنة ٩٠٠ ه فأرسل عليهم الغوري قوة عسكرية فكان قائد الحملة. وفي سنة ٩١٧ عمر جدة وفي سنة ٩٢٢ سد البرتغال المضيق واتفقوا مع أمير اليمن عامر وأخذوا منه المؤونة وحاربوا للمحافظة عن عامر وفي السنة المذكورة ضبط اليمن ثم عاد إلى جدة فبين له الشريف أبو نمي بعد أن ضبط السلطان مصر أنه يقدمه إلى السلطان فقتله وكان ظالما سفاكا». (ج ١ ص ١٨٢).
(٢) لم يعرف هذا الاسم بين سلاطين كجرات ، وقد رأينا في البرق اليماني أنه مظفر شاه وهو الأولى والأصح موافقا لما في تواريخ عديدة. (منها دول إسلامية).
(٣) الشذرات ج ٨ ص ١١٥. واللوند جيش بحري. (وخان اللاوند) محلة ببغداد كانوا فيها.