«وقع في أول القرن العاشر من الحوادث الفوادح النوادر دخول الفرتقال من طائفة الفرنج ... إلى ديار الهند ، وكانت طائفة منهم يركبون من زقاق سبتة في البحر ويلجون في الظلمات ، ويمرون خلف جبال القمر .. ويصلون إلى المشرق ، ويمرون بموضع قريب من الساحل في مضيق أخذ جانبه جبل ، والجانب الثاني بحر الظلمات في مكان كثير الأمواج ، لا تستقر به سفائنهم وتنكسر ولا ينجو منهم أحد ، واستمروا على ذلك مدة وهم يهلكون في ذلك المكان ولا يخلص من طائفتهم أحد إلى بحر الهند إلى أن خلص منهم غراب إلى الهند ، فلا زالوا يتوصلون إلى معرفة هذا البحر إلى أن دلهم شخص ماهر من أهل البحر يقال له أحمد بن ماجد (١) صاحبه كبير الفرنج وكان يقال له الأملندي (٢) وعاشره في السكر فعلمه الطريق في حال سكره. وقال لهم لا تقربوا الساحل من ذلك المكان وتوغلوا في البحر ثم عودوا ، فلا تنالكم الأمواج ، فلما فعلوا ذلك صار يسلم من السكر كثير من مراكبهم ، فكثروا في بحر الهند .. ثم أخذوا هرموز وتقووا هناك وصارت الأمداد تترادف عليهم من البرتغال ، فصاروا يقطعون الطريق على المسلمين أسرا ونهبا ، ويأخذون كل سفينة غصبا إلى أن كثر ضررهم على المسلمين وعمّ أذاهم على المسافرين ، فأرسل السلطان مظفر شاه (٣) بن محمود شاه بن محمد شاه سلطان كجرات يومئذ إلى السلطان الأشرف قانصوه
__________________
(١) هذا الشخص الماهر. قد عبر عنه الغربيون بأنه (كاناكا) ويراد به الرياضي الفلكي ولم يسموه باسمه واللفظة جاءت من الهند ، ويقصد بها العالم بأمر البحار. ويعنون ابن ماجد.
(٢) ويقال الملندي أو الميرانتي لفظة إسبانية يراد بها أميرال أو ربان البحر (الملاح العربي ص ١١).
(٣) توفي سنة ٩٣٢ ه ـ ١٥٢٥ م وترجمته في النور السافر ص ١٩١ ـ ١٩٢ طبعة بغداد ١٣٥٣ ه ـ ١٩٣٤ م.