كانت الهجومات والحروب تتكرر بعد ذلك من الطرفين ووقعت حروب دامية جدا ، فانفل جيش العرب ، وقتل أكثرهم. ولما تمت القلاع تأهب الجيش للوصول إلى ابن عليان للحرب وحينئذ جاء ابن أخيه يرجو الصلح ، والمفتي هناك (محمد الحارث) جاء معه أيضا ، وفي الديوان المنعقد من جانب اسكندر باشا طلبوا ذلك فخلع عليهم الباشا بخلع ثمينة ، وفي الديوان الثاني (الجلسة الأخرى) قيل لهم إن ابن عليان إذا كان صادقا في طلب الصلح وجب عليه أن يؤدي في كل سنة لخزانة البصرة خمسة عشر ألف دينار ذهبا ، وأن يترك رهائن في البصرة جملة من أولاد الشيوخ ، فقبل السفراء ذلك وذهبوا. وبهذا تم تسخير الجزائر جملة ، ونهض الجيش والأسطول من هناك فوصل إلى المحل المسمى (صاعبة) ، فجاء حينئذ أخو ابن عليان مير سلطان بخمسين سفينة فأظهر الطاعة والانقياد ، وفي هذا المحل وافى أسطول البصرة المتكون من تسعة أغربة مع علي باشا فالتقوا هناك ، فنزلوا قلعة (فتحية) ، ومن ثم جاء السردار من البر وكذا وافى شيوخ الجزائر ورؤساؤهم إلى الباشا ، وأعطوا الرهائن ، وأطاعوا ولكن عرب (نهر الطويل) مقابل قلعة الرحمانية لا يزالون على عنادهم وتصلبهم ، ولم يلبوا الدعوة ، وأن رئيسهم (فضل) لم يأت إلى الوزير ليبدي طاعته. ومن ثم سارت إليه الجيوش ، وطالت المحاربات معه نحو خمسة أيام ، فهلك من العربان هناك ما لا يحصى ، وتشتت الآخرون فانتهب الجيش عيالهم وأموالهم ، وأحرق قراهم ، وقطع أشجارهم (نخيلهم).
وفي محل اجتماع ثلاثة أنهر بنيت قلعة ، وقطعت المياه عنهم. ومن ثم أعطى لواء بواب إلى مير سلطان. وفي أوائل رمضان عاد الأسطول إلى بغداد ، وأذن للجيش بالإجازة (١) ...
__________________
(١) تحفة الكبار ص ٨٥.