ومن مطالعة هذه الوثائق تبين أن والي البصرة (علي باشا) باع البصرة بدراهم معدودة إلى أفراسياب ومضى لوجهه ولم يذكر عنه العثمانيون شيئا يستحق التدوين سوى هذه الصفقة الخاسرة.
يقال إن أفراسياب كان كاتبا للجند المحافظ في البصرة. وإن الأهلين قاطعوا واليهم ، وأضربوا عن الاختلاط به أو الرجوع إليه ، وبسبب ذلك قلت مداخله وعجز عن القيام بأرزاق الجند وأقواتهم فلم ير بدا أن يبيع البلدة من أفراسياب بثمانية أكياس رومية (١) وكان الكيس ثلاثة آلاف محمدية على أن لا يقطع اسم السلطان من الخطبة فرضي بذلك أفراسياب واشترى البصرة وذهب حاكمها إلى استانبول سنة ١٠٠٥ ه.
ومن العبث في حال كهذه أن نلتمس لهذا المتغلب أصلا بعد معرفة الطريقة التي توصل بها أو أن نركن إلى الأقوال في ذلك فهو عصامي حصل على الحكومة وصارت تدعى باسمه (الافراسيابية) أو (السيبية) ، وتنسب إليه بعض العمارات مثل (السيب) ولم نعرف عن حاله السابق أكثر من أنه (ديري) نسبة إلى نهر الدير من أنهار البصرة في شماليها ، فاستخدم كاتبا للجند إلا أن صنائعه لم يكتفوا بذلك وإنما استنطقوه ، أو أخذوا إشارة من بعض أخلافه فبنوا عليها وقالوا إنه من آل سلجوق. والمتزلفون كثيرون في كل حين. ونسبه إلى آل سلجوق عبد علي الحويزي في كتابه (قطر الغمام) ، فهو بصري وعندي أنه لما كان بصريا فالافتخار به أولى من إلصاقه بآخرين من الأجانب. وقال الحويزي إن نسبته إلى الدير باعتبار أن أخواله من هناك.
__________________
(١) الكيس خمسمائة قرش وهنا يراد بالكيس ما شرحه النص ثلاثة آلاف محمدية ، والمحمدية عشر أقجات. ضربت أيام السلطان محمد الفاتح. والأقجة كانت تعتبر نصف مثقال من الفضة وتسمى بالعثماني ، ولكنها تغيرت كثيرا حسب العهود المختلفة. أوضحت عنها في كتاب (النقود العراقية لما بعد العهد العباسي).