كالإلهيات والطبيعيات والرياضيات ، وهو من جماعة علامة زمانه منلا مصلح الدين اللاري. قيل أخذ عن أخيه شمسي البغدادي (١). وكان في الأصول والفقه علامة. وله اليد الطولى في الكلام والمنطق والبيان والعربية. قدم دمشق سنة ٩٧٧ ه وحضر دروس البدر الغزي ولازم أبا الفداء إسماعيل النابلسي وقرأ فقه الشافعي على الشهاب العيثاوي ثم تحنف وولي وظائف تدريس منها المدرسة الدرويشية ، وفي الجامع الأموي وتولى تصدير الحديث بالجامع المذكور. وكان له في صندوق السلطنة في كل يوم ما يزيد على أربعين عثمانيا (٢) وتولى مشيخة الجامع فسمي شيخ الحرم الأموي. وتولى تولية الدرويشية وعظم أمره وتردد إلى القضاة. وشمخ بأنفه حين رجع الناس إليه. وكان يحضر درسه أفاضل الوقت. ودرس التفسير بالجامع. وكانت في لسانه لكنة عظيمة حتى أنه كان لا يفصح في كلامه أبدا. وشاع ذكره في الأقطار الإسلامية. توفي ليلة الاثنين في العشرين من شعبان لسنة ١٠١٦ ه وقد احتال القاضي والنائب هناك لسلب أمواله استفادة من غياب أقاربه عنه. ثم جاء بعد مدة ابن عم له من بغداد إلى دمشق فصالحه النائب على شيء من المال ثم ذهب فشكاه إلى الوزير نصوح باشا. وكان الوزير المذكور رأس العساكر إذ ذاك بحلب فوردت الأوامر بطلب النائب بسبب ذلك إلى حلب» انتهى ملخصا من خلاصة الأثر.
ويظهر من ترجمته هذه أنه رجل عظيم لا يقل عن شمسي وعهدي وإن كان لم يعرف له تأليف فخدمته للتدريس والإرشاد غير قليلة أنجبه العراق واستفادت منه دمشق والمنفعة حاصلة منه على كل حال وليس هذا أول من رباه العراق واقتطف ثمرته قطر آخر ...
__________________
(١) مرت ترجمته في حوادث سنة ٩٧٥ ه.
(٢) أي درهما عثمانيا ويراد به (الأقجة). وتساوي نصف مثقال من الفضة ثم تغيرت.