سليمان باشا وأرسل هذا (متسلمه) (١) إليها فمنعه بكر صوباشي من الدخول وكان أمله أن يولى هو دون غيره فلما شاهد ذلك قال : «لا حاجة لنا إلى أمير أمراء!» وبهذا عارض رغبة الدولة العثمانية (٢).
أما الوالي فإنه لما سمع من بكر صوباشي الرد وأنه متأهب للقتال عزم على حربه وكان معه أمير أمراء الموصل ، ووالي كركوك ، وأمراء الكرد فساروا بعشرين ألفا من الخيالة وتقدموا نحو بغداد فوصلوا إلى قرية الجديدة (ينگيجه) وآمالهم مصروفة إلى حصار بغداد وكانت المدينة آنئذ في قحط عظيم ولكن الوالي بقي في محله ولم يجسر على التقدم. دام مكثه بضعة أشهر فاتخذ الشدة تارة والسهولة أخرى فلم تظهر نتيجة. ومن ثم قام من مكانه وتوجه إلى ما يقابل (بعقوبا) و (بهرز) فاتخذ هذه المواقع مضرب خيامه. وصاروا يعيثون في القرى نهبا وغارة.
ولما علم بذلك بكر صوباشي أرسل كتخداه عمر آغا لحراسة القرى وصيانتها من التعديات وكان معه من جيش بغداد نحو ثمانية آلاف خرجوا من (الباب الأبيض) المسمى (آق قپو) فعبروا نهر ديالى من شريعة (صفوه) (٣) (كذا) وصاروا تجاه الوالي سليمان باشا في محل يقال له (قباب ليث).
__________________
(١) المتسلم من ينوب عن الوالي في استلام أمور الإدارة والقيام بها إلى حين وروده إلى محل منصبه. وإن الغاية من إرساله أن تتيقن الدولة درجة الطاعة والامتثال وإلا جهزت الجيوش وقضت على أرباب الزيغ. وهذا أول متسلم عرف في بغداد. وكذا يراد بالمتسلم متصرف اللواء التابع لإيالة الوالي ، أو من كان دونه في نطاق السلطة.
(٢) جامع الدول ج ٢ ص ١١٣٧.
(٣) قال الدكتور (مصطفى جواد) لا يزال هذا الاسم (صفوة) معروفا في آثار مدينة النهروان العتيقة في شرقي محطة كاسل بوست بينهما نهر ديالى. ومنهم من يسميه صفي وصافي ، والظاهر أنه قبر الشيخ صفاء من أصحاب السيد تاج العارفين كما ذكر في كتاب مناقبه المؤلف في أواخر القرن الثامن للهجرة المحفوظ في دار