العشق (اعترته الجذبة) فصار يتجول نحو ١٢ سنة في الصحاري والبراري ، ثم إنه وصل إلى الشيخ علاء الدين في عينتاب فسلك عليه. ولما ولي رضوان أفندي منصب قضاء بغداد سنة ٩٩٨ ه سمع عنه أوصافا جميلة فمال إليه ومن ثم أصلح حاله. فجعله مدرسا في المستنصرية وكانت من أجل مدارس بغداد فصار يقضي أيامه في التدريس. فظهر علمه وبان فضله ، ونعت بأعلم العلماء ، وفي سنة ١٠٣٠ ه قتل أيام الاضطراب في بغداد.
كان هذا الولي وصل إلى درجة الكمال في علوم الظاهر والباطن. وله اليد الطولى في الفقه. صار مرجع الفتوى ومن آثاره (ملجأ القضاة) (١) المعروف بترجيح البينات ، وكتاب (مسائل الضمانات) وله كتاب في النحو لم يتمه ، وله (حصن الإسلام) فيما يتعلق بألفاظ الكفر ...» (٢).
القحط :
في هذه السنة استولى القحط على بغداد فلم تنزل الأمطار وقلت الأعمال بسبب هذه المصائب وأخذ يهجر الناس أوطانهم. وإن العربان عدموا الأمطار ولم يجدوا أثرا للكلأ فرموا بأنفسهم إلى بغداد وصاروا يشكون الجوع فاستولى الغلاء على البلدة وصار الناس في فقر وفاقة ، فكان المصاب فادحا مؤلما (٣).
__________________
(١) طبع مرارا. وكذا طبع كتاب الضمانات.
(٢) فذلكة كاتب جلبي ج ٢ ص ٦.
(٣) كلشن خلفا ص ٦٨ ـ ١.