كل هذا مما ضعضع قوة الجيش العثماني ، وولد ضعفا أو فتورا فيهم ، وكذا قلت أرزاقهم ، وعزت المؤونة فاتفق أعداؤهم جميعا على مهاجمتهم ، والجيش العثماني في حالة دفاع فلم يتمكن العجم أن يخترقوه. إلا أنهم تمكنوا من قطع طريق المواصلة للعثمانيين ...
والعثمانيون صابرون ، مثابرون على حرب عدوهم حتى أن الوزير في ساعة الحرج كان طلب من الشاه المبارزة فأجابه أن البازي المفترس لا يصغي لصوت الزاغ ومن كان همه صيد الأسود لا يبالي ببنات آوى. قال صاحب گلشن خلفا (هذا ما نقلته عن الثقة) والظاهر أنه نقل ذلك عن والده نظمي البغدادي فإنه شهد الحادثة ، وكان فر أثناء سقوط بغداد وذهب مع أمه بصفة درويش إلى كربلاء والحلة وبقي هناك إلى أن اتصل بحافظ أحمد باشا ومدحه بقصيدة مهمة (١) ...
هاجم العجم الترك عدة مهاجمات فلم يتمكنوا بل باؤوا بالفشل إلا أن قطع مواصلة الجيش أثر كثيرا عليهم ... وكذلك قطع عنهم طريق الميرة فلم يستطيعوا أن يتصلوا بالخارج فصار المحاصرون محصورين فانعكست الآية ... فاستولى الجوع وكان البقاء في محل واحد سبب أمراضا في الجيش بسبب طول البقاء لمدة نحو تسعة أشهر.
دعا ذلك إلى الضجر من الحالة واضطر الجيش إلى الانسحاب. وفي هذا كله أبدى حافظ أحمد باشا من المهارة الحربية ما أكد قدرته. احتاط وراعى كل تدبير ناجع لتحقيق غرضه فلم يفلح الأمر الذي جعل أرباب الزيغ يتخذون ذلك وسيلة للطعن به وإسقاط منزلته. والآستانة آنئذ في هرج ومرج فلم ينل مددا كافيا مع العلم بأن الشاه وجه عليه جميع قوته. ورأت إيران ما رأت من عطب. وبالرغم من ذلك كاد يتم الصلح بينه وبين الشاه لولا أن الينكچرية لم يصبروا للنتائج فقاموا بعصيان اطلع
__________________
(١) أوضحنا ذلك في لغة العرب.