نكتف بصرف المبالغ الطائلة بل بذلنا النفوس الكثيرة حتى أنه لم يبق لي أب ولا عم ولا إخوة فالكل هلكوا في هذه السبيل. فالآن سنحت الفرصة فلماذا لم نأخذ انتقامنا منهم. فكيف نبذل لهؤلاء (الأمان) ، الحق لا تفعل ذلك.
أما السلطان فإنه عجب من قوله هذا وضحك بقهقهة.
وبينا هو في هذه الحالة إذ دخل الباشوات عليه وأبدوا أن العجم شرعوا في القتال فقتلوا الرئيس وكثيرا من الرجال فاضطر الأمراء على الحرب.
وفي ذلك الحين جاء رجل من علماء بغداد بزي شيخ لابسا طيلسانا وأتى باثنين من العجم مصفدين. فغضب السلطان وقال : أنا أعطيت الأمان لماذا تفعل هذا؟ فعاتبه. فقال أيها الملك إن هؤلاء عادوا للحرب الكرة الثانية ولم يصغوا للأمان.
وعلى هذا بعث السلطان غلاما تتارا ليأتيه بالخبر. وهذا التتار وصل إلى الباب الشرقي فرأى أن الحرب مشتعلة فأخبر السلطان بذلك فأرسل السلطان أمير أمراء روم إيلي حسين باشا وقال له : اذهب إلى هؤلاء الأشرار وادفع فسادهم فإذا تعندوا فاقتلوهم قتلا عاما ...
أما حسين باشا فإنه ذهب إلى محل الواقعة وأخذ معه سلحدار باشا (١) فأتيا إلى التابيتين اللتين كان قد تحصن بهما العجم وأفهموهم بأن السلطان بذل الأمان فلا تخافوا. تعالوا من الخارج. وبذلك استمالوهم فمن هؤلاء مير فتاح وعلي يار وخلف خان ذهبوا إلى الخارج فجاؤوا إلى السلطان فسلموا إلى حبس سلحدار باشا ولكن كان لمير
__________________
(١) أكبر آمر من خيالة الحرس الملكي يقال له (سلحدار باشا). قاله في (تشكيلات وقيافت عسكرية) ص ٦.