الشُّراةَ قال لأصحابه : أقِلُّوا البِطْنَةَ وأَعذِبوا ، وإذا سِرْتُم فمهلاً مَهلاً : أي تقدُّماً. قال أسامة الهذَلي :
لعَمري لقد أَمْهَلتُ في نَهْي خَالدٍ |
عن الشام إمَّا يَعصِيَنَّك خالدُ |
أمهلتُ : بالغتُ : يقول : إن عصاني فقد بالغتُ في نَهْيه.
ورُوي عن أبي بكر رَحمه الله أنه أَوْصى في مَرَضه ، فقال : ادْفنوني في ثوبيَّ هَذَين ؛ فإنما هما للمُهْل والتُّراب.
قال أبو عُبيد ، قال أبو عُبيدة : المُهْل في هذا الحديث : الصَّديد والقيْح.
قال : والمُهْل في غير هذا : كلّ فِلِزٍّ أُذِيب ، قال : والفِلِزُّ : جواهرُ الأرض من الذّهب والفضّة والنُّحاس.
وسُئل ابن مسعود عن قول الله جلّ وعزّ : (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) [الكهف : ٢٩] فدعا بِفِضّةٍ فأَذابَها ، فجعلتْ تمَيَّعُ وتَلَوَّنُ ، فقال : هذا من أَشبهِ ما أَنتم راءُون بالمُهْل.
قال أبو عبيد : أراد تأويل هذه الآية.
وقال أبو عبيدة : والمُهْل في غير هذا : كلُّ شيء يَتحاتُّ عن الخُبْزَة من الرَّماد وغيره إذا أُخرِجَت من المَلَّة.
قال : وقال أبو عمرو : المُهْل في شيئين : هو في حديث أبي بكر : القَيْح والصَّديد ، وفي غيره : دُرْدِيُّ الزّيت ، لم يُعْرَف منه إلّا هذا ، قال أبو عبيد : وقال الأصمعي : حدّثني رجل وكان فصيحاً أن أبا بكر قال : فإنّهما للمَهْلة والتراب بفتح الميم قال : وبعضهم يَكسِر الميم فيقول : لِلمهْلة.
قال الزّجاج في قوله تعالى : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعَارج : ٨].
قال : المُهْل : دُرْدِيُّ الزّيت هاهنا.
قلت : ومِثلُه قوله : (فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) [الرَّحمن : ٣٧] جمع الدهن.
قال أبو إسحاق في قوله : (كَالدِّهانِ) : أي يتلوَّن من الفَزَع الأكبر كما تتلوَّن من الدِّهان المختلفة. قال : ودليل ذلك قوله : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعَارج : ٨] أي كالزّيت.
وقال الليث : المُهْل : ضَرْبٌ من القَطِران إلا أنه مَاهٍ رقيق شبيه بالزيت لمهاوَتِه يضرب إلى الصُّفرة ، وهو دَسِمٌ يُهْنَأُ به الإبل في الشّتاء.
قال : والقَطِران : الخاثر ، لا يُهْنأُ به.
وقال غيره : مَهَلْتُ البعيرَ : إذا طليتَه بالخضخاض ، فهو ممهول ، وقال أبو وَجْزة يصف ثوراً :
صافي الأدِيم هِجانٌ غَيرَ مَذْبَحِهِ |
كأَنَّه بِدَم الْمَكْنَان مَمْهُولُ |
شمر ، عن ابن شميل قال : المُهْل عندهم : المَلَّة إذا حميت جدّاً رأيتها تموجُ.
وقالت العامريّة : المُهْلُ عندنا : السُّمّ.
والمُهْل : الصَّديد والدَّمُ يخرُج فيما زَعَم يونس. والمُهْل : النُّحاس الذائب ، وأنشد :
ونُطعِم من سَدِيف اللَّحْم شِيزَى |
إذا ما الماءُ كالمَهْل الفَريغِ |