قال أبو عبيد : من أمثالهم أينما أُوجِّهْ ألْقَ سَعْدا ، معناه أين أتوجه ، قلت : ومثلُها قدَّم وتقدَّم وبيّن وتبيَّن ، بمعنى واحد. والعَرَبُ تقول : وَجِّه الحَجَرَ جهةً مّا له وَجهةٌ مّا له ؛ يُضَرب مَثَلاً للأمر إذا لم يَستَقِم من جهةٍ أن يُوجَّه له تدبيرٌ من جهةٍ أخرى. وأصلُ هذا في الحَجَر يوضَع في البِناء فلا يستقيم فيُقلَب على وجهٍ آخر فيستقيم. وقال أبو عبيد في باب الأمر يحسن التدبير والنَّهْي عن الخُرْق فيه : وَجِّه الحجَر وجْهةً مّا له ، ويقال : وِجهةٌ مّا له بالرفع ، أي دَبِّر الأمر على وَجْهه الذي ينبغي أن يوجَّه عليه ، وفي حُسن التّدبير. ويقال : ضَرَب وَجْهَ الأمر وعينه. وقال أبو عبيدة : يقال وَجِّه الحجرَ جهةً مّا له ، يقال في موضع الحَضِّ على الطَّلَب ، لأن كل حجر يُرمَى به فله وجهٌ ، فعلى هذا المعنى رَفْعُه ، ومن نصبه فكأنه قال : وجِّه الحجر جِهتَهَ ، وما فَضْلُ ، وموضع المثل ضَع كل شيء موضعه. وقال ابن الأعرابي : وجِّه الحجَر جِهةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجهةً مّا له ووجهةٌ مّا له ، ووَجْهاً مّا له ، ووجهٌ مّا له.
ويقال : وجّهتِ الرِّيحُ الحصَا توجيهاً ، إذا ساقَتْه ، وأنشد :
تُوجِّه أبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ*
ويقال : قادَ فلانٌ فلاناً فوجَّه ، أي انقاد واتَّبَع.
ويقال للرجل إذا كَبِر سنُّه : قد تَوَجَّه.
ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : يقال : شَمِط ، ثم شاخَ ، ثم كبِر ، ثم توجَّه ، ثم دلَف ، ثم دَبّ ، ثم مَجّ ، ثم ثَلَّبَ ، ثم الموت.
ويقال : أتيتُه بوجْهِ نَهارٍ ، وشبابِ نَهارٍ وصَدْرِ نَهارٍ ، أي في أوَّله ومنه قوله :
من كان مسروراً بِمَقْتَلِ مالكٍ |
فليأتِ نِسْوَتَنا بِوَجْهِ نَهارِ |
وقيل في قول الله جلّ وعزّ : (وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ) [آل عِمرَان : ٧٢] : إنه صلاة الصبح ، وقيل : هو أوَّل النَّهار.
وقال اللِّحياني : يقال : نظر فلان إليّ بِوُجَيْه سَوْءٍ وبجُوه سَوْء وبِجِيه سَوْءٍ.
وقال الأصمعيّ : وجَهتُ فلاناً : ضربتُ وجههَ فهو مَوْجُوهٌ.
وقال أبو عمرو : يقال : أَتى فلان فلاناً فأَوْجهَه وأَوْجأَه ، إذا رَدَّه.
وقال أبو عبيد : قال الخليل في قوافي الشعر : التأسيس ، والتوجيه ، والقافية ، وذلك مثل قول النابغة :
كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيْمةَ نَاصبِ*
فالباء هي القافية ، والألف التي قبل الصاد : تأسيس ، والصاد : توجيه بين التأسيس والقافية ، وإنما قيل له : توجيه ، لأن لك أن تغيره بأي حرف شِئت.
ويقال : خرج القوم فوجَّهوا للناس الطريقَ توجيهاً ، إذا وَطَّئُوه وسَلَكُوه حتى استبان أَثَرُ الطّريق لمن يَسلُكُه.
ويقال : أَوْجَهَتْ به أمُّه حين وَلَدَتْه ، إذا خَرَجَ يداه أولاً ولم تلده يَتْناً.
قال أبو بكر : قولهم : لفلانٍ جاهٌ فيهم ، أي منزلة وقَدْر ، فأخِّرَت الواوُ من موضع الفاء ، وجُعِلتْ في موضع العين ، فصار جَوْهاً ، ثم جَعلوا الواوَ ألفاً فقالوا : جاه.