وقال الليث : الهَبْوَة : غُبَارٌ ساطعٌ في الهواء كأنّه دُخان.
وقال رؤبة :
في قِطَع الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَقْ*
ويقال : هبا يَهْبو هَبْواً ، إذا سَطَع ، وهبَا الرَّماد يَهبو إذا اختلط بالتراب ، وتراب هابٍ.
وقال مالكُ بنُ الرَّيب :
ترَى جَدَثاً قد جرَّت الريحُ فوقَه |
تراباً كلَون القَسْطلانيِ هابيا |
والهبَاء : دُقاق التُّراب ساطعُه ومنثورُه على وجه الأرض.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : إذا سكن لَهَبُ النّار ولم يَطفَأ جَمْرُها : قيل : خَمَدَتْ ، فإِن طَفِئتْ البتّة ، قيل : هَمَدت ، فإذا صارت رَماداً قيل : هَبَا يَهْبُو ، وهو هابٍ ، غير مهموز.
قلتُ : فقد صحّ هبَا للتّراب والرّمادِ معاً.
وأما قولُ الله جلّ وعزّ : (هَباءً مُنْبَثًّا) [الواقِعَة : ٦] فمعناه أن الجِبالَ صارت غُباراً ، ومِثلُه : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) [النّبإِ : ٢٠] ، وقيل : الهباء المُنبَثّ : ما تُثِيره الخَيْل بحَوافرها من دُقاق الغُبار.
ويقال لما يَظهر في الكُوَى من ضَوْء الشمسِ : هَباء.
وفي الحديث : أنّ سُهيل بنَ عَمرو جاء يتهبّأ كأنّه جَملٌ آدم.
يقال : جاء فلانٌ يتَهبَّى إذا جاء يَنفُض يَدَيْه ، قال ذلك الأصمعيّ ، كما يقال : جاءَ يَضرِب أَصْدَرَيه ، إذا جاء فارغاً.
ويقال : أهبَى الترابَ إهبَاءً ، إذا أثاره ، وهي الأهابيُ ، ومنه قولُ أوْس بن حَجَر :
أهابِيَ سَفْسافٍ من التُّراب تَوْأمِ*
وأنشد أبو الهيثم :
يكون بها دليلَ القوم نجمٌ |
كعَين الكلْب في هُبَّى قِبَاعِ |
قال : وَصَف النجمَ الهابي الّذي في الهباء فشبّهه بعَين الكَلب نَهاراً ، وذلك أن الكلب باللّيل حارِسٌ ، وبالنهار ناعِس ، وعَين الناعس مُغمَّضة ، ويبدو من عينيه الخَفِيُّ ، فكذلك النّجم الّذي يُهتَدى به هو هابٍ ، كعيْن الكلب في خَفائه.
وقال في هُبَّى : وهي جمعُ هابٍ ، مثل غازٍ وغُزَّى ، المعنى أنّ دليل القوم نجمٌ هابٍ ، أي في هباء يخفَى فيه إلّا قليلا منه ، يَعرِف به الناظرُ إليه أي نجمٍ هو ، وفي أي ناحيةٍ هو ، فيَهتدِي به ، وهو في نجوم هُبَّى ، أي هابِيَةٌ ، إلّا أنّها قِباعٌ كالقَنافِذ إذاً قَبعتْ فلا يُهتدَى بهذه القِباع. إنما يهتدَى بهذا النجم الواحد الذي هو هابٍ غير قابعٍ في نجوم هابِيَه قابِعَة ، وجمع القَابع على قِباع ، كما جَمَعوا صاحباً على صِحَاب وبَعيراً قامحاً على قِماح.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هَبَا إذا فَرَّ ، وهَبَا إذا مات أيضاً ، وتَهَا إذا غَفَل ، وَذَها إذا تكبَّر ، وهذا إذا قَتَل ، وهَزَا إذا سارَ ، وثَهَا إذا حَمُق.
بهو ـ بهي : قال ابن السكيت : بَهَأْتُ به وَبَهِئْتُ به ، إذا أنِسْتَ به ، وأنشد :