للمنعوت إلى نعت يُفرط فيه ، فكأنه يَهذي ويَهجُر.
وقال أبو عُبَيد : قال أبو زيد وغيره : هِجِّيرَى الرجل : كلامُه ودَأْبُه ، وشأنُه.
وقال ذو الرّمّة :
رَمَى فأَخطأَ والأقدارُ غالبة |
فانْصَعْنَ والويلُ هِجِّيراهُ والحَرَبُ |
وقال الأمويّ : يقال : ما زال ذلك إهْجيراه وهِجِّيراه ودَأَبه ودَيْدَنَه.
ورَوى مالكُ بنُ أنس عن سُمَيّ عن أبي صالح عن أبي هُريرة قال : قال رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم : «لو يَعلمُ الناسُ ما في التَّهجير لاستبقوا إليه ؛ وفي حديث آخر : «المُهجِّرُ إلى الجُمُعة كالمُهْدي بَدنَه» يذهبُ كثيرٌ من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث تَفعيل من الهاجرة وقتَ الزوال ، وهو غَلَط ، والصواب ما رواه أبو داودَ المصاحِفي عن النضر بن شُمَيل أنه قال : التهجير إلى الجُمُعة وغيرها : التَبكير.
قال : سمعتُ الخليلَ بن أحمد يقول ذلك في تفسير هذا الحديث.
قلت : وهذا صحيح ، وهي لغةُ أهل الحجاز ومن جاوَرَهم من قَيْس.
وقال لبيد :
راحَ القطِينُ بِهَجْرٍ بعد ما ابتَكَرُوا*
فقَرنَ الهجْر بالابتكار ، والرَّواح عندهم : الذَّهاب والمُضيّ ، يقال ، راحَ القومُ : أي خَفُّوا ومَرُّوا أيّ وقتٍ كان.
ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لو يَعلَم الناسُ ما في التهجير لاستبقوا إليه» ، أراد به التّبكيرَ إلى جميع الصَّلوات : وهو الذَّهاب إليها في أوَّل أوقاتها. قلتُ : وسائرُ العَرَب تقول : هجّر الرجل : إذا خرج وقتَ الهاجرة رواه أبو عُبيد عن أبي زيد. هَجّر الرجُل : إذا خرج بالهاجرة.
قال : وهي نصفُ النهار ، قال : ويقال أتيتُه بالهجير وبالهَجْر.
ذكر ابن السكيت عن النضر أنه قال : الهاجرة إنما تكون في القَيْظ ، وهي قبل الظُّهر بقليل ، وبعدَها بقليل. قال : والظهيرة : نصفُ النهار في القَيْظ حين تكونُ الشمسُ بحيال رأسِك كأنها لا تريد أن تبرح.
أنشد المنذريّ فيما روى لثعلب عن ابن الأعرابي في «نوادره» قال : قال جِعْثِنَة بنُ جَوَّاس الربَعيَّ في ناقته :
هلْ تَذْكرِينَ قَسَمي ونَذْرِي |
أزمانَ أنتِ بعُرُوضِ الجَفْر |
|
إذْ أنتِ مِضْرَارٌ جوادُ الحُضْرِ |
فيُهجِرُون بهجِير الفجْر |
قلت : قوله بهجِير الفجر ، أي يُبكِّرون بوقت السّحَر.
وقال الليث : أَهْجَر القومُ : إذا صاروا في ذلك الوقت ، وهَجَّر القومُ : إذا ساروا في وَقْته.
قال : والهِجِّيرَى : اسمٌ من هَجَر إذا هَذَى.
قال : والهَجْر من الهجْران : وهو تَرْكُ ما يَلزَمُك تَعاهُدُه.
قال : والهِجار : مُخالِف للشِّكال تشَدّ به يَدُ الفَحْل إلى إحدى رجليه ، وأنشد :
كأنما شُدَّ هِجَاراً شاكِلا*