أراد أنهم من كَثرتهم نزَفوا مياهَ الآبار الآجنة وعَمَروا الرَّكايا التي ليس عليها حاضِر بنزُولهم عليها.
وفي حديث عليّ رضى الله عنه : أنه وصفَ النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : لم يكن قصيراً ولا طويلاً ، وهو إلى الطول أقرَبُ ، مَن رآه جَهره ، معنى جَهرَه ، عَظُم في عَيْنَيه ، ومنه قولُ الراجز :
لا تَجْهُريني نَظراً وُردِّي |
فقد أُرُدُّ حينَ لا مَرَدِّ |
يقول : استعظمتِ مَنَظري فإني مع ما ترين من مَنظري شُجاعٌ أرُدّ الفُرْسان الذين لا يَرُدّهم إلّا مِثلي.
قال : وكبشٌ أجهَر ، ونعجةٌ جَهْراء ، وهي التي لا تُبْصِر في الشمس.
ومنه قول الهذلي :
جَهْرَاءُ لا تَأْلُو إذا هي أَظْهَرَتْ |
بصراً ولا مِن عَيْلة تُغْنِيني |
قال : يصف فرساً بقوله : جَهْرَاء.
وقال غيرُه : أراد بالجَهْراء عَنْزاً أو نَعْجَة.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الجُهْرة : الحَوْلة ، ورجل أجْهَر وامرأة جَهْراء : في عُيونِهما حَوَل.
أبو عبيد عن الأصمعي : جَهَرْتُ الجَيشَ واجْتَهَرْتُهم : إذا كثروا في عينك ، وكذلك الرجلُ تراه عظيماً في عَينِك.
وقال العجاج يصف جيشاً عَرمْرَما :
كأنما زهاؤُه لمن جَهَرْ |
ليْلاً وَرَزُّ وَغْرِه إذا وَغَر |
زُهاؤه : كثرة عَدَده ، ويقال : رأيتُ جُهْرَ الرَّجل : إذا نظرتَ إلى هيئته وحُسنِ منظَره فراعَكَ حُسنُه.
وقال القطامي :
شَنِئْتُكَ إذ أَبصَرْتُ جُهْرَك سَيِّئاً |
وما غَيَّبَ الأقوامُ تابِعَةُ الجُهر |
قال : (ما) في معنى الذي ، يعني ما غاب عنك من خُبْر الرجل فإنه تابعٌ لمنظره ، والجُهْر يستعمل في السَّيِء ، وهو القَبيح كما يستعمل في البَهيِّ الحَسَن.
ثعلب عن الأعرابي : رجل حَسَن الجهَارة والجُهْر : إذا كان ذا منظر حَسَن.
وقال أبو النجم :
وأَرَى البياضَ على النِّساء جَهارةً |
والعِتْقَ أَعْرِفُهُ على الأدْماء |
وقال أبو زيد : يقال : ما في القوم أَحدٌ تَجْهَرُهُ عيني : أي تأخذُه عيني.
قال : وجَهَرْتُ بالقَوْل أَجْهَرُ به ، إذا أعلنْته. ورجلٌ جَهِير الصوتِ : أي عالي الصوت ، وكذلك رجلٌ جَهْوَرِيُ الصوت : رفيعه. ويقال : جاهرَني فلانٌ جِهاراً ، أي عالنَني مُعَالَنَةً : والجَهْر : العلانية.
وقال الليث : الجَهْوَر : هو الصوت العالي.
قال : والجَوْهر : كلُّ حجرٍ يستخرجَ منه شيء ينتفع به ، وجوهرُ كل شيء ما خُلِقَتْ عليه جبلته.
وجَهَر فلانٌ في كلامِه وقراءته. قال : وأَجْهر بقراءته لغة.