ومنه قول ذي الرُّمَّة : «سفيهةٍ جديلها» ، وسافَهَتِ الناقةُ الطريقَ : إذا خفّت في سَيْرِها ، وقال الراجز :
أحْدُو مَطِيَّاتٍ وقوماً نُعّسَا |
مُسَافِهاتٍ مُعْمَلاً مُوَعَّسا |
أراد بالمعمل الموعَّس : الطريقَ المَلحُوبَ الذي وُطِىء حتى استتب ووضَح.
أبو عبيد عن الكسائيّ : سَفِهْتُ الماءَ أسْفَهُه إذا أكثَرْتَ منه ولم تَرْوَ ، والله أسْفَهَكَهُ.
وقال غيره : سَافَهْتُ الشَّرابَ : إذا أسرفت فيه ، وقال الشّماخ :
فبِتُّ كأنّني سافَهْتُ صِرْفاً |
مُعَتَّقَةً حمَيّاها تدُورُ |
وفي حديث ثابت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الكِبْرُ أن تَسْفَهَ الحقَّ ، وتَغْمِطَ النّاس» ، فجعل سَفِه واقعاً.
وقال أبو زيد : امرأةٌ سَفِيهةٌ من نِسْوَةٍ سَفَائِه ، وَسَفِيهاتٍ ، وسُفُهٍ وسِفاهٍ ، ورجلٌ سفِيهٌ من رجال سُفَهَاءَ ، وسُفَّهٍ ، وسِفَاهٍ ، ويقال : سَفه الرجل يَسْفُهُ فهو سَفِيهٌ ، ولا يكون هذا واقعاً ، وأما سَفِه ـ بكسر الفاء ـ فإنه يجوز أن يكون واقعاً ، وقال الأكثر فيه أن يكون غير واقع أيضاً. قوله عزوجل : (كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) [البَقَرَة : ١٣] : أي الجهَّال ، وقوله : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) [البَقَرَة : ٢٨٢].
السفيه العقل ، من قولهم : تَسَفَّهت الرياحُ الشيءَ ، إذا استخفّته فحرَّكته.
وقال مجاهد : السفيه : الجاهل ، والضعيف : الأحمق.
قال ابن عرفةَ : والجاهل هاهنا : هو الجاهل بالأحكام لا يُحْسِنُ الإملاء ، ولا يدري كيف هو؟ ولو كان جاهلاً في أحوالِه كلِّها ما جاز له أنْ يُدَايَن ، وقوله تعالى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) [النِّساء : ٥] يعني المرأةَ والولد ، وسُمِّيَتْ سَفِيهةً لِضَعْفِ عَقْلِها ، ولأنها لا تُحْسِنُ سياسة مالها ، وكذلك الأولاد ما لم يُؤْنَسْ رُشْدُهُم ، وقوله عزوجل : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البَقَرَة : ١٣٠] أي سَفِه في نفسه : أي صار سَفِيهاً ، وقيل : أي سَفِهَت نَفْسُه ، أي صارت سفيهةً ، ونصب نفسه على التفسير المحوَّل ، وقيل : سَفِه هاهنا بمعنى سَفَّه ، ومنه قوله : إلا من سَفِه الحقّ. معناه : من سَفَّه الحقَّ ، ويقال : سَفِه فلانٌ رأْيَه : إذا جهله ، وكان رأيُه مضطرباً لا استقامةَ له.
ه س ب
استعمل من وجوهه : سهب ، سبه ، بهس.
سهب : قال الليث : فرسٌ سَهْبٌ. شديد الجرْي بطيء العَرَق ، وقال أبو دُوَاد :
وقد أَغْدو بِطِرْفٍ هَيْ |
كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَهْبِ |
قال : وبئرٌ سَهْبةٌ : بعيدة القَعْر يخرج منها الرِّيح ، وإذا حَفَر القوم فهجموا على الرِّيح وأخلفهم الماء ، قيل : أسْهَبُوا ، وأنشد في وصف بئر كثيرة الماء :
حَوْضٌ طَوِيٌّ نِيل مِنْ إسْهَابِها |
يَعْتِلجُ الآذيٌّ مِن حَبَابِها |