موكول إلى الاجتهاد عدلين يحكمان به على المستهلك كما أوجب الرجوع إلى قول الحكمين في تقديم الصيد* والحكمان عند أبى حنيفة يحكمان عليه بالقيمة ثم يختار المحرم ما شاء من هدى أو طعام أو صيام وقال محمد الحكمان يحكمان بما يريان من هدى أو طعام أو صيام فإن حكما بالهدى كان عليه أن يهدى وأما قوله تعالى (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) فإن الهدى من الإبل والبقر والغنم وقال الله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ولا خلاف أن له أن يهدى من أحد هذه الأصناف أيها شاء منها هذا في الإحصار فأما في جزاء الصيد فإن من يجعل الواجب عليه قيمة الصيد فإنه يخيره بعد ذلك فإن اختار الهدى وبلغت قيمته بدنة نحرها وإن لم تبلغ بدنة وبلغ بقرة ذبحها فإن لم تبلغ وبلغ شاة ذبحها وإن اشترى بالقيمة جماعة شاة أجزأه ومن يوجب النظير من النعم فإنه أحكم عليه بالهدى أهدى بما حكم به من بدنة أو بقرة أو شاة* وقد اختلف في السن الذي يجوز في جزاء الصيد فقال أبو حنيفة لا يجوز أن يهدى إلا ما يجزى في الأضحية وفي الإحصار والقران وقال أبو يوسف ومحمد يجزى الجفرة والعناق على قدر الصيد والدليل على صحة الأول أن ذلك هدى تعلق وجوبه بالإحرام وقد اتفقوا في سائر الهدايا التي تعلق وجوبها بالإحرام أنها لا يجزى منها إلا ما يجزى في الأضاحى وهو الجذع من الضأن أو الثنى من المعز والإبل والبقر فصاعدا فكذلك هدى جزاء الصيد وأيضا لما سماه الله تعالى هديا على الإطلاق كان بمنزلة سائر الهدايا المطلقة في القرآن فلا يجزى دون السن الذي ذكرنا وذهب أبو يوسف ومحمد إلى ما روى عن جماعة من الصحابة أن في اليربوع جفرة وفي الأرنب عناق وعلى أنه لو أهدى شاء فولدت ذبح ولدها فأما ما روى عن الصحابة فجائز أن يكون على وجه القيمة وأما ولد الهدى فإنه تبع لها فيسرى الحق الذي في الأم من جهة التبع وليس يجوز اعتبار ما كان أصلا في نفسه بالاتباع ألا ترى أنه يصح أن يكون ابن أم الولد بمنزلة أمه في كونه غير مال وعتقه بموت المولى من غير سعاية ولا يصح ابتداء إيجاب هذا الحكم له على غير وجه التبع والدخول في حكم الأم وكذلك ولد المكاتبة هو مكاتب وهو علوق ولو ابتدأ كتابة العلوق لم يصح ونظائر ذلك كثيرة* وقوله تعالى (بالِغَ الْكَعْبَةِ) صفة للهدى وبلوغه الكعبة ذبحه في الحرم لا خلاف في ذلك وهذا يدل على أن الحرم كله بمنزلة الكعبة في الحرمة وأنه لا يجوز بيع رباعها لأنه