لا تصح إلا به كالطهارة كما أن استقبال القبلة من شروطها ولا يحتاج الاستقبال إلى نية والطهارة من شروطها ولا تحتاج عندنا إلى نية والقيام في حال الافتتاح من فروضها لمن قدر عليه ولا يحتاج إلى نية والقيام والقراءة والركوع والسجود بعد الافتتاح من فروضها ولا يحتاج لشيء من ذلك إلى نية فإن قيل لأن نية الصلاة قد أغنت عن تجديد النية لهذه الأفعال قيل له وكذلك نية الصلاة قد أغنت عن تجديد نية للستر وقوله تعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد) يدل على أنه مندوب في حضور المسجد إلى أخذ ثوب نظيف مما يتزين به وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال ندب إلى ذلك في الجمع والأعياد كما أمر بالاغتسال للعيدين والجمعة وأن يمس من طيب أهله وقوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) الآية ظاهره يوجب الأكل والشرب من غير إسراف وقد أريد به الإباحة في بعض الأحوال والإيجاب في بعضها فالحال التي يجب فيها الأكل والشرب هي الحال التي يخاف أن يلحقه ضرر بكون ترك الأكل والشرب يتلف نفسه أو بعض أعضائه أو يضعفه عن أداء الواجبات فواجب عليه في هذه الحال أن يأكل ما يزول معه خوف الضرر والحال التي هما مباحان فيها هي الحال التي لا يخاف ضررا فيها بتركها* وظاهره يقتضى جواز أكل سائر المأكولات وشرب سائر الأشربة مما لا يحظره دليل بعد أن لا يكون مسرفا فيهما والإسراف هو مجاوزة حد الاستواء فتارة يكون بمجاوزة الحلال إلى الحرام وتارة يكون بمجاوزة الحد في الإنفاق فيكون ممن قال الله تعالى (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) والإسراف وضده من الإقتار مذمومان والإستواء هو التوسط ولذلك قيل دين الله بين المقصور والغالي قال الله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) وقال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) وقد يكون الإسراف في الأكل أن يأكل فوق الشبع حتى يؤديه إلى الضرر فذلك محرم أيضا قوله تعالى (قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق) روى عن الحسن وقتادة إن العرب كانت تحرم السوائب والبحائر فأنزل الله تعالى ذلك وقال السدى وكانوا يحرمون في الإحرام أكل السمن والأدهان فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا لقومهم وفيه تأكيد لما قدم إباحته في قوله (خذوا زينتكم عند كل مسجد) الآية