و (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) وقال (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) وقال (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم) وقال (فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) وقال (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله باموالكم وأنفسكم) فأخبر أن النجاة من عذابه إنما هي بالإيمان بالله ورسوله وبالجهاد في سبيله بالنفس والمال فتضمنت الآية الدلالة على فرض الجهاد من وجهين أحدهما أنه قرنه إلى فرض الإيمان والآخر الإخبار بأن النجاة من عذاب الله به وبالإيمان والعذاب لا يستحق إلا بترك الواجبات وقال (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) ومعناه فرض كقوله (كتب عليكم الصيام) فإن قيل هو كقوله (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) وإنما هي ندب ليست بفرض قيل له قد كانت الوصية واجبة بهذه الآية وذلك قبل فرض الله المواريث ثم نسخت بعد الميراث ومع ذلك فإن حكم اللفظ الإيجاب إلا أن تقوم دلالة للندب ولم تقم الدلالة في الجهاد أنه ندب قال أبو بكر فأكد الله تعالى فرض الجهاد على سائر المكلفين بهذه الآية وبغيرها على حسب الإمكان فقال لنبيه صلّى الله عليه وآله وسلم (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين) فأوجب عليه فرض الجهاد من وجهين أحدهما بنفسه ومباشرة القتال وحضوره والآخر بالتحريض والحث والبيان لأنه صلّى الله عليه وآله وسلم لم يكن له مال فلم يذكر فيما فرضه عليه إنفاق المال وقال لغيره (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) فألزم من كان من أهل القتال وله مال فرض الجهاد بنفسه وماله ثم قال في آية أخرى (وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) فلم يخل من أسقط عنه فرض الجهاد بنفسه وماله للعجز والعدم من إيجاب فرضه بالنصح لله ورسوله فليس أحد من المكلفين إلا وعليه فرض الجهاد عن مراتبه التي وصفنا وقد روى في تأكيد فرضه أخبار كثيرة فمنها ما حدثنا عن عمرو بن حفص السدوسي قال حدثنا عاصم بن على قال حدثنا قيس بن الربيع عن جبلة بن سحيم عن مؤثر بن عفازة عن بشير بن الخصاصية قال أتيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أبايعه فقلت له علام