ينفى من الأرض قبل له لا يمتنع أن يكون مبتدأ قد أضمر فيه إن لم يقتل فإن قيل فقد يقتل الباغي وإن لم يقتل وهو خارج عن الثلاثة المذكورين في الخبر قيل له ظاهر الخبر ينفى قتله وإنما قتلناه بدلالة الاتفاق وبقي حكم الخبر في نفى قتل المحارب إلا أن يقتل على العموم وأيضا فإن الخبر إنما ورد فيمن استحق القتل بفعل سبق منه واستقر حكمه عليه كالزانى المحصن والمرتد والقاتل والباغي لا يستحق القتل على هذا الوجه وإنما يقتل على وجه الدفع ألا ترى أنه لو قعد في بيته ولم يقتل وإن كان معتقدا لمقالة أهل البغي فثبت بما وصفنا أن حكم الآية على الترتيب على الوجه الذي بينا لا على التخيير ويدل على أن في الآية ضميرا ولا تخيير فيها اتفاق الجميع على أنهم لو أخذوا المال ولم يقتلوا لم يجز للإمام أن ينفيه ويترك قطع يده ورجله وكذلك لو قتلوا وأخذوا المال لم يجز للإمام أن يعفيه من القتل أو الصلب ولو كان الأمر على ما قال القائلون بالتخيير لكان التخيير ثابتا فيما إذا أخذوا المال وقتلوا أو أخذوا المال ولم يقتلوا فلما كان ذلك على ما وصفنا ثبت أن في الآية ضميرا وهو أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا إن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال ولم يقتلوا أو ينفوا من الأرض إن خرجوا ولم يفعلوا شيئا من ذلك حتى ظفر بهم* واحتج القائلون بالتخيير بظاهر الآية وبقوله تعالى (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) فدل على أن الفساد في الأرض بخروجهم وامتناعهم وإخافتهم السبيل وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا وليس ما ذكروه بموجب للتخيير مع قيام الدلالة على ضمير الآية وتعلق الحكم به دون مقتضى ظاهرها وهو ما قدمنا من أنها لو كانت موجبة للتخيير ولم يكن فيها ضمير لكان الخيار باقيا إذا قتلوا وأخذوا المال في العدول عن قتلهم وقطعهم إلى نفيهم فلما ثبت أنه غير جائز العدول عن القتل والقطع في هذه الحال صح أن معناها أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا إن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أخذوا المال* فإن قال قائل إنما أوجب قتلهم إذا قتلوا وقطعهم إذا أخذوا المال ولم يجز العدول عنه إلى النفي لأن القتل على الانفراد يستحق به القتل وإن لم يكن محاربا وأخذ المال يستحق به القطع إذا كان سارقا فلذلك لم يجز في هذه الحال العدول إلى النفي وترك القتل أو القطع* قيل له قتل المحارب في هذه الحال وقطعه حد ليس على وجه