القود ألا ترى أن عفو الأولياء غير جائز فيه فثبت أنه إنما يستحق ذلك على وجه الحد لأنه قتل على وجه المحاربة ووجب قطعه لأخذه المال على وجه المحاربة فإذا لم يقتل ولم يأخذ مالا لم يجز أن يقتل ولا يقطع لأنه لو كان القتل واجبا حدا لما جاز العدول عنه إلى النفي وكذلك القطع كما أنهم إذا قتلوا وأخذوا المال لم يجز العدول عن القتل أو القطع إلى النفي إذ كان وجوب ذلك على وجه الحد وفي ذلك دليل على أن المحارب لا يستحق القتل إلا إذا قتل ولا القطع إلا إذا أخذ المال ويصلح أن يكون ذلك دليلا مبتدأ لأن القتل إذا وجب حدا لم يجز العدول عنه إلى غيره وكذلك القطع كالزانى والسارق فلما جاز للإمام أن يعدل عن قتل المحارب الذي لم يقتل إلى النفي علمنا أنه غير مستحق للقتل بنفس الخروج وكما لو قتل لم يجز أن يعفى عن قتله فلو كان يستحق القتل بنفس المحاربة لما جاز أن يعدل عنه كما لم يجز أن يعدل عنه إذا قتل* وأما قوله تعالى (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) وتسويته بين قتل النفس بغير النفس وبين الفساد في الأرض فإنما المراد الفساد في الأرض الذي يكون معه قتل أو قتله في حال إظهار الفساد فيقتل على وجه الدفع ونحن قد نقتل المحارب الذي لم يقتل على وجه الدفع وإنما الكلام فيمن صار في يد الإمام قبل أن يتوب هل يجوز أن يقتله إذا لم يقتل فأما على وجه الدفع فلا خلاف فيه فجائز أن يكون المراد من قوله تعالى (أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) على هذا الوجه لأن الفساد في الأرض لو كان يستحق به القتل لما جاز العدول عنه إلى النفي فلما جاز عند الجميع نفيه دل على أنه غير مستحق للقتل فصح بما وصفنا قول من قال بإيجاب ترتيب حكم الآية على الوجه الذي ذكرنا وأيضا فإن الوصول إلى القتل لا يستحق بأخذ المال ولا القصد له ومعلوم أن المحاربين إنما خرجوا لأخذ المال فإن كان القتل غير مستحق لأخذ المال في الأصول فالقصد لأخذه أولى أن لا يستحق به القتل على وجه الحد فإذا خرج المحاربون وقتلوا قتلوا حدا لأجل القتل وليس قتلهم هذا لأن القتل يستحق به القتل في الأصول إلا أنه لما قتله على جهة إظهار الفساد في الأرض تأكد حكمه بأن أوجب قتله حدا على أنه حق لله تعالى لا يجوز فيه عفو الأولياء فإن أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف لما في الآية من ذكر ذلك وقطع اليد والرجل يستحق بأخذ المال في الأصول ألا ترى أن السارق تقطع يده فإن