وتذكر آخر آية ـ من هذه الآيات ـ قول المؤمنين لدى ركوبهم المركب ، إذ يقولون : (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ).
هذه الجملة إشارة إلى مسألة المعاد بعد الحديث حول التوحيد ، لأنّ الانتباه إلى الخالق والمبدأ ، يلفت نظر الإنسان نحو المعاد دائما.
وهي أيضا إشارة إلى أن لا تغترّوا عند ما تركبون هذه المراكب وتتسلّطون عليها ، ولا تغرقوا في مغريات الدنيا وزخارفها ، بل يجب أن تكونوا دائما ذاكرين للآخرة غير ناسين لها ، لأنّ حالات الغرور تشتد وتتعمّق في مثل هذه الموارد خاصّة ، والأشخاص الذين يتّخذون مراكبهم ووسائط نقلهم وسيلة للتعالي والتكبّر على الآخرين ليسوا بالقليلين.
ومن جهة ثالثة ، فإنّ الإستواء على المركب والانتقال من مكان إلى آخر يذكّرنا بانتقالنا الكبير من هذا العالم إلى العالم الآخر.
نعم .. فنحن أخيرا ننقلب إلى الله سبحانه.
* * *
ملاحظة
ذكر الله عند الانتفاع بالنعم :
من النكات الجميلة التي تلاحظ في آيات القرآن الكريم ، أنّ المؤمنين قد علّموا أدعية يقرءونها عند التنعّم بمواهب الله سبحانه ونعمه ... تلك الأدعية التي تصقل روح الإنسان وتهذّبها بمحتوياتها البنّاءة ، وتبعد عنها آثار الغرور والغفلة.
فيأمر الله سبحانه نوحا عليهالسلام أن : (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١).
ويأمره أيضا أن يقول عند طلب المنزل المبارك : (رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً
__________________
(١) المؤمنون ، الآية ٢٨.