وأمثالها ـ وأهل العرف ـ يلغون «الخصوصية» ، فلا يبعد التعميم المذكور. لأنّه من المسلّم به ـ أنّ الهدف هنا رعاية الأدب واحترام ساحة قدس النبي ، فعلى هذا متى ما كان رفع الصوت عند قبره نوعا من هتك الحرمة فهو بدون شكّ غير جائز ، إلّا أن يكون أذانا للصلاة أو تلاوة للقرآن أو إلقاء خطبة ... وأمثال ذلك فإنّ هذه الأمور ليس فيه أي إشكال لا في حياة النّبي ولا بعد وفاته ...
ونقرأ حديثا في أصول الكافي نقل عن الإمام الباقر في شأن ما جرى للحسن بعد وفاته وممانعة عائشة عن دفنه في جوار رسول الله جاء فيه أنّه حين ارتفعت الأصوات استدل الإمام الحسين عليهالسلام بالآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ)
ونقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتا ما حرّم منهم أحياء (١).
وهذا الحديث شاهد آخر على عموم مفهوم الآية!
٣ ـ الانضباط الإسلامي في كلّ شيء وفي كلّ مكان!
إنّ مسألة المديرية لا تتم بدون رعاية الانضباط ، وإذا أريد للناس العمل تحت مديرية وقيادة ـ حسب رغبتهم ، فإنّ اتساق الأعمال سينعدم عندئذ وإن كان المديرون والقادة جديرين.
وكثير من الأحداث والنواقص التي نلاحظها تحدّث عن هذا الطريق ، فكم من هزيمة أصابت جيشا قويا أو نقصا حدث في أمر يهمّ جماعة وما إلى ذلك كان سببه ما ذكرناه آنفا ... ولقد ذاق المسلمون أيضا مرارة مخالفة هذه التعاليم مرارا في عهد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعده ، ومن أوضح الأمور قصة هزيمة المسلمين في معركة أحد لعدم الانضباط من قبل جماعة قليلة من المقاتلين.
والقرآن يثير هذه المسألة المهمّة في عبارة موجزة في الآية الآنفة وبأسلوب
__________________
(١) أصول الكافي ـ طبقا لما نقل في نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٨٠.