لم يفرق أبدا بين العبيد والأحرار من ناحية الشخصية الإنسانية ، وجعل التقوى معيارا للتمييز بينهم ، ولذلك أجاز للعبيد أن يتقلّدوا مسئوليات مهمّة ، ويتسنّموا مناصب اجتماعية مهمّة ، حتى أنّ العبيد يمكنهم أن يشغلوا منصب القضاء (١).
وقد أنيطت بالعبيد في زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مراكز هامة وحسّاسة ، ابتداء من قيادة الجيش ، وحتى المناصب الحسّاسة الأخرى.
وقد كان الكثير من كبار صحابة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عبيدا ، أو رقيقا أعتقوا ، وكان الكثير منهم يؤدّون واجبهم كمستشارين ومعاونين لعظماء الإسلام وقادته ، ويمكن ذكر أسماء سلمان وبلال وعمار بن ياسر وقنبر من ضمن هذه القافلة.
وبعد أن انتهت غزوة بني المصطلق تزوّج النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بجارية عتيقة من هذه القبيلة ، وكان هذا الزواج سببا في إطلاق سراح كلّ أسرى القبيلة.
المادة الرابعة : المعاملة الإنسانية مع العبيد
لقد وردت في الإسلام تعليمات كثيرة حول الرفق بالعبيد ومداراتهم ، حتى أنّها أشركتهم في حياة مالكيهم.
يقول النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل ، وليكسه ممّا يلبس ، ولا يكلفه ما يغلبه ، فإن كان ما يغلبه فليعنه» (٢).
ويقول علي عليهالسلام لغلامه قنبر : «أنا أستحيي من ربّي أن أتفضل عليك ، لأنّ رسول الله يقول : ألبسوهم ممّا يلبسون ، وأطعموهم ممّا تأكلون» (٣).
ويقول الإمام الصادق عليهالسلام : «وإن كان أبي ليأمرهم ـ أي غلمانه ـ فيقول : كما
__________________
(١) الشرائع ، كتاب القضاء.
(٢) بحار الأنوار ، المجلد ٧٤ ، صفحة ١٤١ ، حديث ١١.
(٣) المصدر السابق ، صفحة ١٤٤ ، حديث ١٩.