وطبقا للآيات المتقدّمة فإنّ عشق الإيمان والتنفّر من الكفر موجودان في قلوب جميع الناس دون استثناء وإذا لم يكن لدى بعضهم ذلك فإنّما هو من جهة اخطائهم وسلوكيّاتهم وأعمالهم ، فإنّ الله لم يلق في قلب أيّ شخص حبّ العصيان وبغض الإيمان ...
٢ ـ القيادة والطاعة
هذه الآيات تؤكد مرّة أخرى أنّ وجود القائد «الإلهي» ضروري لرشد جماعة ما ، بشرط أن يكون مطاعا لا مطيعا وأن يتّبع أصحابه وجماعته أوامره لا أن يؤثّروا عليه ويفرضوا عليه آراءهم (ابتغاء مقاصدهم ومصالحهم).
وهذه المسألة لا تختصّ بالقادة الإلهيين فحسب ، بل ينبغي أن تكون حاكمة في المديرية والقيادة في كلّ مكان. وحاكمية هذا الأصل لا تعني استبداد القادة ، ولا ترك الشورى كما أشرنا آنفا وأوضحنا ذلك.
٣ ـ الإيمان نوع من العشق لا إدراك العقل فحسب ...
هذه الآيات تشير ضمنا إلى هذه الحقيقة وهي أنّ الإيمان نوع من العلاقة الإلهية الشديدة «والمعنوية» وإن كانت من الاستدلالات العقلية ... ولذلك فإنّنا نقرأ حديثا عن الإمام الصادق عليهالسلام حين سألوه : هل الحب والبغض من الإيمان ، فأجاب عليهالسلام : «وهل الإيمان إلّا الحبّ والبغض»؟! ثمّ تلا هذه الآية : (... وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (١).
وورد في حديث آخر عن الإمام الباقر عليهالسلام قوله في هذا المجال «وهل الدين
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، باب الحب في الله والبغض في الله ، الحديث ٥.