الكثيرة فهو قادر على أن يلبس وعده ثياب الإنجاز والتحقّق!
وهكذا فإنّ المسلمين المضحّين الأوفياء أولي الإيمان والإيثار اكتسبوا في ظل بيعة الرضوان في تلك اللحظات الحسّاسة انتصارا في الدنيا والآخرة ، في حين أنّ المنافقين الجهلة وضعاف الإيمان احترقوا بنار الحسرات!
ونختم حديثنا بكلام لأمير المؤمنين عليهالسلام حيث يتحدّث عن بسالة المسلمين الأوائل وثباتهم وجهادهم الذي لا نظير له ويخاطب ضعاف الإيمان موبّخا إيّاهم على خذلانهم
فيقول : «فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه ومتبوّئا أوطانه ولعمري لو كنّا نأتي ما أتيتم. ما قام للدين عمود. ولا اخضرّ للإيمان عود وأيم الله لتحتلبنّها دما ولتتبعنّها ندما!» (١).
* * *
بحث
البيعة وخصوصيّاتها!
«البيعة» من مادة «بيع» وهي في الأصل إعطاء اليد عند إقرار المعاملة. ثمّ أطلق هذا التعبير على مدّ اليد على المعاهدة ، وهكذا كانت حين كان الشخص يريد أن يعلم الآخر بوفائه له وأن يطيع أمره ويعرفه رسميّا فيبايعه ويمدّ له يده ، ولعلّ إطلاق هذه الكلمة من جهة أنّ كلّا من الطرفين يتعهّد كما يتعهّد ذوا المعاملة فيما بينهما ، وكان المبايع مستعدا أحيانا أن يضحّي بروحه أو بماله أو بولده في سبيل الطاعة! والذي يقبل البيعة يتعهّد على رعايته وحمايته والدفاع عنه! ...
يقول «ابن خلدون» في مقدمة تأريخه في هذا الصدد «كانوا إذا بايع الأمير جعل أيديهم في يده تأكيدا فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري» (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة رقم ٥٦.
(٢) مقدمة ابن خلدون ، صفحة ١٧٤.