والتكامل هو روح التعاون الجماعي ، ولا يتحقق هذا الأمر إلّا في صورة أن يكون الاعتماد على الناس (وحسن الظن بهم) حاكما ... في حين أنّ سوء الظن يهدم قواعد هذا الاعتماد ، وتنقطع به روابط التعاون ، وتضعف به الروح الاجتماعية.
وهكذا الحال في التجسس والغيبة أيضا.
إنّ سيئ النظرة والظن يخافون من كلّ شيء ويستوحشون من كلّ أحد وتستولي على أنفسهم نظرة الخوف ، فلا يستطيعون أن يقفوا على ولي ومؤنس يطوي الهموم ، ولا يجدون شريكا للنشاطات الاجتماعية ، ولا معينا ونصيرا ليوم الشدّة!
ولا بأس بالالتفات إلى هذه اللطيفة ، وهي أنّ المراد من «الظن» هنا هو الظن الذي لا يستند إلى دليل ، فعلى هذا إذا كان الظن في بعض الموارد مستندا إلى دليل فهو ظنّ معتبر ، وهو مستثنى من هذا الحكم ، كالظن الحاصل من شهادة نفرين عادلين.
٢ ـ لا تجسّسوا!
رأينا أنّ القرآن يمنع جميع أنواع التجسس بصراحة تامّة ، وحيث إنّه لم يذكر قيدا أو شرطا في الآية فيدل هذا على أنّ التجسس في أعمال الآخرين والسعي إلى إذاعة أسرارهم إثم ، إلّا أنّ القرائن الموجودة داخل الآية وخارجها تدل على أنّ هذا الحكم متعلّق بحياة الأفراد الشخصية والخصوصية.
ويصدق هذا الحكم أيضا في الحياة الاجتماعية في صورة أن لا يؤثر في مصير المجتمع.
لكن من الواضح أنّه إذا كان لهذا الحكم علاقة بمصير المجتمع أو مصير الآخرين فإنّ المسألة تأخذ طابعا آخر ، ومن هنا فإنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد أعدّ أشخاصا وأمرهم أن يكونوا عيونا لجمع الأخبار واستكشاف المجريات