وهكذا فإنّ سوء الظن هو أساس التجسس ، والتجسس يستوجب إفشاء العيوب والأسرار ، والاطلاع عليها يستوجب الغيبة ، والإسلام ينهى عن جميعها علة ومعلولا!
ولتقبيح هذا العمل يتناول القرآن مثلا بليغا يجسّد هذا الأمر فيقول : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ)!.
أجل ، إنّ كرامة الأخ المسلم وسمعته كلحم جسده ، وابتذال ماء وجهه بسبب اغتيابه وإفشاء أسراره الخفية كمثل أكل لحمه.
كلمة «ميتا» للتعبير عن أنّ الاغتياب إنّما يقع في غياب الأفراد ، فمثلهم كمثل الموتى الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم ، وهذا الفعل أقبح ظلم يصدر عن الإنسان في حق أخيه!.
أجل ، إنّ هذا التشبيه يبيّن قبح الاغتياب وإثمه العظيم.
وتولي الروايات الإسلامية ـ كما سيأتي بيانها ـ أهمية قصوى لمسألة الاغتياب ، ونادرا ما نجد من الذنوب ما فيه من الإثم إلى هذه الدرجة.
وحيث أنّه من الممكن أن يكون بعض الأفراد ملوّثين بهذه الذنوب الثلاثة ويدفعهم وجدانهم إلى التيقّظ والتنبّه فيلتفتون إلى خطئهم ، فإنّ السبيل تفتحه الآية لهم إذ تختتم بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).
فلا بدّ أن تحيا روح التقوى والخوف من الله أوّلا : وعلى أثر ذلك تكون التوبة والإنابة لتشملهم رحمة الله ولطفه.
* * *
بحوث
١ ـ الأمن الاجتماعي الكامل
! إنّ الأوامر أو التعليمات الستة الواردة في الآيتين آنفتي الذكر (النهي عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن والتجسس والاغتياب) إذا نفّذت