الذنوب.
وتذكر الآية الأخيرة ـ من هذه الآيات ـ كلام مبلغي الجن ، فتقول : (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) ينصرونه من عذاب الله ، ولذلك فإنّ : (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
أي ضلال أشد وأسوأ وأجلى من أن يهبّ الإنسان إلى محاربة الحق ونبيّ الله ، بل حتى إلى محاربة الله الذي لا ملجأ له سواه في كلّ عالم الوجود ، ولا يستطيع الإنسان أن يفر من حكومته إلى مكان آخر؟!
وقد قلنا مرارا : إنّ (معجز) ـ أو سائر مشتقات هذه الكلمة ـ تعني في مثل هذه الموارد العجز عن المطاردة والتعقيب والمجازاة ، وبتعبير آخر : الفرار من قبضة العقاب.
وعبارة (في الأرض) إشارة إلى أنّكم حيثما تذهبون في الأرض فإنّه ملك الله وسلطانه ، ولا يمكن أن تكونوا خارج حدود قدرته وقبضته ، وإذا كانت الآية لا تتحدث عن السماء ، فلأنّ مكان الإنس والجن هو الأرض على كلّ حال.
* * *
بحثان
١ ـ الإعلام المؤثر
كما قلنا سابقا ، فإنّ البحث حول الجن وكيفية حياتهم والخصوصيات الاخرى المتعلقة بهم ستأتي في تفسير سورة الجن إن شاء الله تعالى ، والذي يستفاد من هذه الآيات أنّ الجن موجودات عاقلة لها إدراك وشعور ، وهم مكلّفون بالواجبات الإلهية ، وفيهم المؤمن والكافر ، ولديهم الاطلاع الكافي على الدعوات الإلهية.
والمسألة الملفتة للنظر في هذه الآيات هو الأسلوب الذي اتبعه هؤلاء للتبليغ من أجل الإسلام بين قومهم ، فهم بعد حضورهم عند النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسماعهم آيات