رحمته.
والموهبة الأخيرة هي : (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ).
قال بعض المفسّرين : إنّه تعالى لم يبيّن لهم الصفات الكلية للجنّات العلى وروضة الرضوان وحسب ، بل عرف لهم صفات قصورهم في الجنّة وعلاماتها ، بحيث أنّهم عند ما يردون الجنّة يتوجّهون إلى قصورهم مباشرة (١).
وفسر البعض (عرّفها) بأنّها من مادة «عرف» ـ على زنة فكر ـ وهو العطر الطيب الرائحة ، أي إنّ الله سبحانه سيدخلهم الجنّة التي عطّرها جميعا استقبالا لضيوفه.
إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأنسب.
وقال البعض : إذا ضممنا هذه الآيات إلى آية : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً) (٢) ، سيتّضح أنّ المراد من إصلاح البال إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربّهم بانكشاف الغطاء (٣).
* * *
بحوث
١ ـ مقام الشهداء السامي
تمرّ في تأريخ الشعوب أيام تحدق الأخطار فيها بتلك الأمم والشعوب ، ولا يمكن دفع هذه الأخطار والحفاظ على الأهداف المقدّسة العظيمة إلّا بالتضحية والفداء وتقديم القرابين الكثيرة ، وهنا يجب أن يتوجّه المؤمنون المضحّون إلى ساحات القتال ، ليحفظوا دين الحق بسفك دمائهم ، ويسمى هؤلاء الأفراد في
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٩٨.
(٢) آل عمران ، الآية ١٦٩.
(٣) الميزان ، المجلد ١٨ ، صفحة ٢٤٤.