ملاحظة
ما هي حميّة الجاهلية؟!
قلنا أنّ «الحميّة» في الأصل من مادة «حمي» ومعناها الحرارة ، ثمّ صارت تستعمل في معنى الغضب ، ثمّ استعملت في النخوة والتعصّب الممزوج بالغضب أيضا ..
وهذه الكلمة قد تستعمل في هذا المعنى المذموم «مقرونة بالجاهلية أو بدونها» بعض الأحيان ، وقد تستعمل في المدح حينا آخر ، فتكون عندئذ بمعنى التعصّب في الأمور الإيجابية البنّاءة!
يقول الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام حين انتقده بعض أصحابه الضعاف المعاندين : «منيت بمن لا يطيع إذا أمرت ولا يجيب إذا دعوت أما دين يجمعكم ولا حميّة تحشمكم» (١).
غير أنّ هذه الكلمة غالبا ما ترد في الذم كما ذكرها الإمام علي عليهالسلام مرارا في خطبته القاصعة ذامّا بها إبليس أمام المستكبرين : «صدّقه به أبناء الحمية وأخوان العصبية وفرسان الكبر والجاهلية» (٢).
وفي مكان آخر من هذه الخطبة يقول محذّرا من العصبيات الجاهلية : «فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية وأحقاد الجاهلية فإنّما تلك الحمية تكون في المسلم من خطرات الشيطان ونخواته ونزعاته ونفثاته» (٣).
وعلى كلّ حال فلا شكّ أنّ وجود مثل هذه الحالة في الفرد أو المجتمع باعث على تخلّف ذلك المجتمع وتكبيل العقل والفكر الإنساني ومنعه من الإدراك الصحيح والتشخيص السالم .. وربّما تذر جميع مصالحه مع الرياح! ...
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٣٩.
(٢) نهج البلاغة الخطبة القاصعة ١٩٢.
(٣) نهج البلاغة : المصدر السابق.