بحث
من هم قوم تبّع؟
لقد وردت كلمة (تبّع) في القرآن الكريم مرتين فقط : مرة في الآيات مورد البحث ، وأخرى في الآية ١٤ من سورة (ق) حيث تقول : (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ).
وكما أشرنا من قبل ، فإنّ «تبعا» كان لقبا عاما لملوك اليمن ، ككسرى لسلاطين إيران ، وخاقان لملوك الترك ، وفرعون لملوك مصر ، وقيصر لسلاطين الروم.
وكانت كلمة (تبع) تطلق على ملوك اليمن من جهة أنّهم كانوا يدعون الناس إلى اتباعهم ، أو لأنّ أحدهم كان يتبع الآخر في الحكم.
لكن يبدو أنّ القرآن الكريم يتحدث عن أحد ملوك اليمن خاصة ـ كما أنّ فرعون المعاصر لموسى عليهالسلام ، والذي يتحدث عنه القرآن كان معينا ومحددا ـ وورد في بعض الرّوايات أنّ اسمه «أسعد أبا كرب».
ويعتقد بعض المفسّرين أنّه كان رجلا مؤمنا ، واعتبروا تعبير «قوم تبّع» الذي ورد في آيتين من القرآن دليلا على ذلك ، حيث أنّه لم يذمّ في هاتين الآيتين ، بل ذم قومه ، والرّواية المروية عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاهدة على ذلك ، ففي هذه الرواية أنّه قال : لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم (١).
وجاء في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّ تبّعا قال للأوس والخزرج : كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي ، أمّا لو أدركته لخدمته وخرجت معه» (٢).
وورد في رواية أخرى : إنّ تبعا لما قدم المدينة ـ من أحد أسفاره ـ ونزل بفنائها ، بعث إلى أحبار اليهود الذين كانوا يسكنونها فقال : إنّي مخرب هذا البلد
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلد ٩ ، صفحة ٦٦ ذيل الآية مورد البحث ، وأورد نظير هذا المعنى في تفسير الدر المنثور ، وكذلك ورد في روح المعاني ، المجلد ٢٥ ، صفحة ١١٦.
(٢) مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.