حتى لا تقوم به يهودية ، ويرجع الأمر إلى دين العرب.
فقال له شامول اليهودي ـ وهو يومئذ أعلمهم ـ أيها الملك إنّ هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل ، مولده بمكّة اسمه أحمد. ثمّ ذكروا له بعض شمائل نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال تبّع ـ وكأنّه كان عالما بالأمر ـ ما إلى هذا البلد من سبيل ، وما كان ليكون خرابها على يدي (١).
بل ورد في رواية في ذيل تلك القصة أنّه قال لمن كان معه من الأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد ، فإنّ خرج النّبي الموعود فآزروه وانصروه ، وأوصوا بذلك أولادكم ، حتى أنّه كتب رسالة أودعهم إياها ذكر فيها إيمانه بالرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
ويروي صاحب أعلام القرآن أنّ تبّعا كان أحد ملوك اليمن الذين فتحوا العالم ، فقد سار بجيشه إلى الهند واستولى على بلدان تلك المنطقة. وقاد جيشا إلى مكّة ، وكان يريد هدم الكعبة ، فأصابه مرض عضال عجز الأطباء عن علاجه.
وكان من بين حاشيته جمع من العلماء ، كان رئيسهم حكيما يدعى شامول ، فقال له : إنّ مرضك بسبب سوء نيتك في شأن الكعبة ، وستشفى إذا صرفت ذهنك عن هذه الفكرة واستغفرت ، فرجع تبع عما أراد ونذر أن يحترم الكعبة ، فلما تحسن حاله كسا الكعبة ببرد يماني.
وقد وردت قصّة كسوة الكعبة في تواريخ أخرى حتى بلغت حد التواتر. وكان تحرك الجيش هذا ، ومسألة كسوة الكعبة في القرن الخامس الميلادي ، ويوجد اليوم في مكّة مكان يسمى «دار التابعة» (٣).
وعلى أية حال ، فإنّ القسم الأعظم من تأريخ ملوك التبابعة في اليمن لا يخلو
__________________
(١) روح المعاني ، المجلد الأوّل ٢٥ ، صفحة ١١٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أعلام القرآن ، ص ٢٥٧ ـ ٢٥٩ (بتلخيص).