الإيجاز والاختصار وإن كانت مسائل هذا البحث محاطة بهالة من الإبهام في الفقه الإسلامي :
١ ـ «ماهية البيعة» نوع من العقد والمعاهدة بين المبايع من جهة والمبايع من جهة أخرى ، ومحتواها الطاعة والإتّباع والدفاع عن المبايع ، ولها درجات طبقا للشروط الذي يذكرونها فيها : ويستفاد من لحن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أنّ البيعة نوع من العقد اللازم من جهة المبايع ، ويجب العمل طبقا لما بايع عليه ، ويكون مشمولا بالقانون الكلّي «أوفوا بالعقود» فعلى هذا لا يحقّ للمبايع الفسخ ، ولكن المبايع له أن يفسخ البيعة إن وجد في الأمر صلاحا وفي هذه الصور يتحرر للمبايع من بيعته (١).
٢ ـ ويرى البعض أنّ البيعة شبيهة بالانتخابات أو نوعا منها ، في حين أنّ الانتخابات على العكس منها تماما ، أي أنّ ماهيتها نوع من إيجاد المسؤولية الوظيفة والمقام للمنتخب ، أو بتعبير آخر هي نوع من التوكيل في عمل ما بالرغم من أنّ الانتخاب يقتضي وظائف على المنتخب أيضا «كسائر الوكالات» في حين أنّ البيعة ليست كذلك!
وبتعبير آخر إنّ الانتخابات تعني إعطاء «المقام» وكما قلنا هي شبيهة بالتوكيل في حين أنّ البيعة تعهد بالطاعة!
ومن الممكن أن يتشابه كلّ من البيعة والانتخاب في بعض الآثار ، لكن هذا التشابه لا يعني وحدة المفهوم والماهية أبدا ..
ولذلك لا يمكن للمبايع أن يفسخ البيعة ، في حين أنّ المنتخبين لهم الحق في الفسخ في كثير من المواطن بحيث يستطيع جماعة ما أن يعزلوا المنتخب
__________________
(١) نقرأ في حادثة كربلاء أنّ الإمام الحسين عليهالسلام خطب أصحابه ليلة العاشر من المحرم وأحلّ بيعته من أصحابه بعد أن أظهر تقديره لهم وشكرهم على مواساتهم إيّاه لينطلقوا حيث يشاءون فقال : «انطلقوا في حلّ منّي ليس عليكم منّي ذمام» لكنّهم لم يتركوا الحسين عليهالسلام وبقوا على وفائهم [الكامل : لابن الأثير ، ج ٤ ، ص ٥٧].