مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيّرين» (١).
ونقرأ أخيرا في بعض كتبه لمعاوية حين لم يبايع الإمام عليّا وكان يريد الانتقاد من
علي عليهالسلام قوله : «بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد» (٢).
ويستفاد من بعض عبارات النهج أنّ البيعة ليست أكثر من مرة واحدة ولا سبيل لتجديد النظر فيها وليس فيها اختيار الفسخ ، ومن يخرج منها فهو طاعن ، ومن يتريث ويفكر في قبولها أو ردّها فهو منافق.
[إنّها بيعة واحدة لا يثنّى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار ؛ الخارج منها طاعن والمروّي فيها مداهن] (٣).
ويستفاد من مجموع هذه التعابير أنّ الإمام عليهالسلام استدلّ على من لم يقبلوا بأنّ إمامته منصوص عليها من قبل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وكانوا يتذرّعون بحجج واهية ـ بالبيعة التي كانت عندهم من المسلم بها ، ولم تكن لهم الجرأة على أن يرفضوا طاعة الإمام ويسمعوا لمعاوية وأمثال معاوية ، فكما أنّهم يرون مشروعية الخلافة للخلفاء الثلاثة السابقين ، فعليهم أن يعتقدوا بأنّ خلافة الإمام مشروعة أيضا وأن يذعنوا له «بل إنّ خلافته أكثر شرعية لأنّ بيعته كانت أوسع وكانت حسب رغبة الناس ورضاهم».
فبناء على هذا لا منافاة بين الاستدلال بالبيعة ومسألة نصب الإمام بواسطة الله والنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتأكيد البيعة.
لذلك فإنّ الإمام يشير في مكان من (نهج البلاغة) نفسه بحديث الثقلين الذي
__________________
(١) نهج البلاغة من كتاب له عليهالسلام رقم ١.
(٢) من كتاب له رقم ٦ ، وينبغي الالتفات إلى أنّ التعويل على بيعة الخلفاء السابقة هو لأنّ معاوية كان منصوبا من قبلهم وكان يدافع عنهم فلا منافاة بين هذا وما جاء في الخطبة المعروفة بالشقشقية.
(٣) نهج البلاغة : من كتاب له برقم ٧.