وهنا يشير التعبير بدقة الى ذلك حيث يقول ربنا :
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)
فبرهان ربه الذي رآه ببصيرته منعه من إرادة المعصية ، ولكنه من دون هذا البرهان كان يهم بها ويريدها وأساسا الهمّ : هو العزم على الفعل ، كما قال ربنا : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ). (١)
وربما يستخدم الهمّ في الأمر الذي يريده الإنسان ويجد امامه مانع منه ، كما قال الشاعر :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني |
|
تركت على عثمان تبكي حلائله |
ومنه قوله تعالى : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما). (٢)
ويبقى السؤال : ماذا رأى يوسف حتى تجاوز الفحشاء ، وبتعبير آخر : ما هو برهان ربه؟
أولا : البرهان هو السلطان ، ويراد به السبب المقيد لليقين لتسلطه على القلوب كالمعجزة قال تعالى : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ). (٣)
وقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ). (٤)
__________________
(١) المائدة / ١١.
(٢) آل عمران / ١٢٢.
(٣) القصص / ٣٢.
(٤) النساء / ١٧٤.