وقال : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (١)
وهو الحجة اليقينية التي تجلي الحق ولا تدع ريبا لمرتاب على حد تعبير تفسير الميزان.
ثانيا : ان يوسف عليه السّلام ، كان صديقا أيقن قلبه ان جماله من الله ، وهو الذي أعطاه القوة ومكنه في الأرض ، وأن من كفر بأنعم الله لا يفلح ، وبسبب إيمانه الصادق بهذه الحقائق أدركه في ساعة المحنة ايمانه ، وبلورت المعاناة شخصيته التي عجنت بروح الايمان والتقوى ، فظهر له برهان ربه وحجته البالغة في تلك اللحظة الشديدة من صراعه مع طبيعته ومع مجتمعة المتمثل في قوة ربة بيته ، فكان كمن قد رأى البرهان واضحا أمامه.
وهكذا المؤمنون الصادقون يتذكرون ربهم كلما مرّ بهم طائف من الشيطان ، وتعرضوا لتجربة صعبة فيتركون المعصية ، بينما يغط غيرهم في غفلة شاملة.
ان اللحظات الصعبة في حياة الفرد تستخرج دفائن نفسه ، وخبايا ذاته ، وسرائر عزيمته ، فالمؤمن يزداد ايمانا ، بينما غيره يفشل في التجربة.
ومن هنا كان على الفرد ان يعمل عملا صالحا ليزداد ايمانا فينتفع به في ساعات صراعه الحاسم مع الشهوات أو ضغوط المجتمع حيث لا ينفع المرء إلّا ذخائر إيمانه.
(كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)
وقد جاء في الحديث : «ان برهان ربه كانت النبوة» كما جاء في حديث
__________________
(١) النمل / ٦٤.