الرسالة تنازلا لرغبة الناس أو خشية من غضبهم لأنهم آنئذ لا يقدرون على تحقيق هدف الرسالة وهو إصلاح ما فسد من الناس ، ولقد رأينا في الآيات السابقة كيف ان الإنسان بطبعه جاهل وعجول لولا التربية الايمانية إذا على الرسول الاستقامة في إصلاحه حتى يخرج من هذه النفسية الجاهلية.
(فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)
كلا عليك ان تبقى صابرا امام ضغط أهوائهم ودعاياتهم التي منها.
(أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ)
انهم لا ينتظرون قليلا حتى يروا ان تطبيق الرسالة كفيل بأن يفتح لهم أبواب الرحمة ، وأكثر بكثير من مجرد كنز ينزل على الرسول ، وأن انتصارات الرسول (ص) أكبر من مجرد نزول ملك معه ، لان (روح القدس) وهو أعظم ملك يهبط معه ، ولا يفقهون هذه الحقيقة.
ان عملهم وليس اي شيء أخر يضمن مستقبلهم ، وانما دور الرسول هو التذكرة والتوجيه.
(إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
فهو الذي يوفر الحياة السعيدة بقدرته لمن يعمل بالرسالة ، ويسلبها ممن يكفر بها.
فأتوا بعشر سور مثله :
[١٣] ولا يسع الجاهليون الا انكار الرسالة واتهام الرسول (ص) بأنه قد افتراه كذبا على الله تعالى ، والقرآن يتحداهم بأن يأتوا بعشر سور مثل القرآن افتراء على الله كذبا إن كانوا صادقين.