واليأس هنا له معاني ، فمن معانيه العلم ، اي (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) وهي لغة هوازن ، وقال بعضهم : ان اليأس معناه القنوط وشرّب معنى العلم فيكون المعنى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) ، وقال بعضهم ان هناك باء محذوفة فيكون تقدير الكلام (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً).
وفي الحقيقة فان هناك جامعا مشتركا لهذه الحقائق الثلاث ـ فمن جهة يجب أن ييأسوا من اهتداء هؤلاء ، ويعلموا بأن هؤلاء لن يهتدوا ، وبالتالي يجب أن يعلموا بأن الله لو يشاء لهدى الناس جميعا ، فالمعنى واحد.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ)
«ولا يزال» تفيد الاستمرارية ، وربما تعبر هذه الكلمة عن تضمين معنى السنّة الدائمة ، وثانيا : ان الإنسان هو الذي يصنع مصيره بنفسه ، فالعذاب هو نتيجة ما اقترفت اليدان من الذنوب ، والقارعة هي الكارثة.
فهذه الكوارث الالهية تصب ولا تزال تصب على رؤوس الكافرين.
(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ)
فمكة مثلا لم تكن تصاب بالحروب أو بالزلازل ، بل تنزل هذه المصائب فيما حولها ، ولكن لم يتعظ الكافرون.
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ)
هذه القوارع ما هي الا إرهاصات يصبّها الله عاجلا على الكافرين ، اما القارعة الحقيقية فهي في الآخرة (الْقارِعَةُ* مَا الْقارِعَةُ* وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ* يَوْمَ يَكُونُ