(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)
الصلصال : الطين الجاف ، الحماة ، والحمأ : طين أسود منسق ، والمسنون : المتغير.
يبدو ان ربنا أجرى على التراب ماء فتفاعل معه فأصبح طينا لازبا ، ثم تفاعل معه فأصبح متعفنا ، ثم نمت الحياة فيه بفعل التفاعل وخلق فيه الحياة فأصبح مستويا ، ثم نفخ الله فيه روح العقل والإرادة ، فاستحق سجود الملائكة.
قال صاحب مجمع البيان : وأصل آدم ترابا ، وذلك قوله : «خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ» ثم جعل التراب طينا ، وذلك قوله : «وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» ثم ترك ذلك الطين حتى تغير واسترخى وذلك قوله : «مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ» ثم ترك حتى جف وذلك قوله : «مِنْ صَلْصالٍ» فهذه الأقوال لا تناقض فيها. إذ هي أخبار عن حالاته المختلفة (١)
الطبائع البشرية :
ويبدو ان لكل أصل من أصول البشر رواسب في خلقته ، فلأنه من تراب يحن الى الأرض ، ويحب العمارة فيها ، وينبغي ان يكون خاضعا لله ، ساجدا عليها ، لا يرى أحد انه أفضل من غيره بطبعة لأن طبعهم جميعا هو التراب.
ولأنه من طين لازب فهو ابن الشهوات والأهواء ، ولكنه يتصلب على شيء بسبب كونه من صلصال ، وتلك جميعا طبائع البشر المادية ، أما الروح فلها خصائص أخرى.
[٢٧] قبل ان يخلق الله البشر خلق عدوه ـ الجان ـ الذي يقابل الأنس ، ذكر هنا بلفظة جان للدلالة على طبيعته كما نقول الإنسان ، ونشير الى طبيعته دون
__________________
(١) مجمع البيان ج ٥ ـ ٦ / الصفحة ٣٣٥