انما يسخر طاقاتهم البشرية ومواردهم في بناء الروم ، فجعل زبر الحديد على بعضها وأمرهم بأن ينفخوا في النار التي اججوها حولها فلما تحولت الى نار والتحمت ببعضها افرغ عليها لباسا مصنوعا من النحاس المذاب ، فأصبح سدا مرتفعا ومنيعا ، فلا استطاعوا عبوره ولا اختراقه.
وشكر ذو القرنين ربه على هذه السلطة بدل ان يفرض على الشعب حمده وشكره ، وكما يفعله الملوك عادة.
وأنبأهم بأن السدّ لا يقاوم امر الرب ، فإذا جاء الوعد الموعود فأن الله سيجعله دكاء وإذا بالناس يموج بعضهم ببعض وينفخ في الصور ، ويجمع الله الناس على صعيد واحد جميعا.
ليعرض على أولئك العميان الذين لم يبصروا آيات الله ، ولم يسمعوا نصيحة المصلحين ، يعرض عليهم جهنم لكفرهم بالله.
وهكذا ضرب الله لنا مثلا ، للمؤمن الذي تجاوز السلطة فملكها ولم تملكه واستفاد منها لأهدافه ، ولم تستفد منه لها ـ (٨٣ ـ ١٠١) ـ.
وفي الدرس الأخير من هذه السورة نجد أهم العبر القرآنية المبثوثة فيها ، وفي قصصها العجيبة ، ومن أبرزها ضرورة توحيد العبودية لله ، والا يتخذ العباد أولياء من دون الله ، ويبيّن القرآن ان الأخسرين أعمالا هم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون عملا ، بلى أولئك هم الكافرون بآيات الله ، الذي لا يأبه بهم ربهم يوم القيامة بالرغم من مظاهر الزينة والقوة عندهم في الدنيا لأنهم استهانوا بالآيات والرسل ، بينما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فأن لهم جنات الفردوس نزلا ، يخلدون فيها ولا يبحثون لها عن بديل.