«لما نزلت : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» أي رهطك المخلصين ، دعا رسول الله (ص) بني عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا ـ يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا ـ فقال أيّكم يكون أخي ، ووارثي ، ووزيري ، ووصيي ، وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض عليهم ذلك رجلا رجلا ، كلهم يأبى ذلك ، حتى أتى عليّ فقلت : انا يا رسول الله ، فقال : يا بني عبد المطلب! هذا وارثي ، ووزيري ، وخليفتي فيكم من بعدي ، فقام القوم يضحك بعضهم الى بعض ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام» (١)
وفي رواية أخرى :
«انه لما نزلت هذه الآية «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» صعد رسول الله (ص) الصفا فقال : يا صباحا! فاجتمعت اليه قريش ، فقالوا : مالك؟! فقال : أ رأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ما كنتم تصدقونني؟ قالوا : بلى. قال : فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد ، قال أبو لهب : تبا لك أ لهذا جمعتنا ، فأنزل الله : «تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ» (٢)
ونستوحي من هذه الآية أن عامل الرسالة الإلهية لا يعتمد على أية قوة أرضية في إبلاغ رسالات ربه ، إنما يتوكّل على الله ، لذلك يستطيع ان يتحدى انحرافات الناس جميعا ، حتى ولو كانوا عشيرته الأقربين.
كما تشير الآية الى أن مجرد القرابة من رسول الله لا يخلّص الإنسان من نار جهنم. بالرغم من أن النبي (ص) يشفع في أمته ، وقد قال له الرب سبحانه : «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» أي من الشفاعة.
__________________
(١) علل الشرائع / الشيخ الصدوق / ص (١٧٠).
(٢) تفسير مجمع البيان / ج (٧) / ص (٢٠٤).