لما كذبوا.
لو كانت نظرة الإنسان الى الخلق من حوله سليمة لعرف صدق رسالات الله ، لأنها تعبير صادق عن سنن الله في خلقه.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)
سر في الأرض ، واطلع على حقل ناضر ، وقف عند شجرة مثمرة ، ماذا ترى؟ أنها جد متكاملة ، تضرب بجذورها في الأرض ، وتقوم على ساقها الغليظة ، وتنشر فروعها من حولها بتناسق ، وتتحدى الرياح والأنواء والآفات بعشرات من الأنظمة التي أودعها الرب فيها ، ثم ماذا ترى؟ ترى ان هذه الشجرة ـ بالرغم من تكاملها الكريم ـ بحاجة الى زوج تتكامل به. كيف جعلها الله غنية وكريمة من كل جانب ، وكيف جعلها محتاجة الى غيرها في هذا الجانب بالذات.
أو ليس في ذلك دليل يهدينا الى ربنا ، والى أنه رحيم ، وآية رحمته تكاملية نعمه وشموليتها ، وأنه عزيز وآية عزته انه جعل كل شيء في الخلق محتاجا الى غيره ، فخلق من كل شيء زوجين اثنين ليهدينا إلى أنّه وحده العزيز الغني سبحانه.
[٨] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً)
أنها تكفي الإنسان حجة لو بحث عن الحجة ، ودليلا لو انه اهتدى بدليل ، ولكن أكثر الناس لا يبحثون عن حجة ، ولا يريدون دليلا.
(وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ)
فلا تنتظر إيمان الناس حتى تؤمن معهم ، إنما بادر الى التسليم للحق.