لا يجد الإنسان ـ مهما بلغ به الإلحاد ـ ملجأ غير الله في لحظات الخطر ، فلو ركب سفينة ، وهبّت في عرض البحر عليها عاصفة فحطّمتها ، فإلى من سيلتجئ؟ هل سيلجأ إلى صنمه؟! أو إلى رئيسه الذي كان يخضع له من دون الله؟! لن يفعل شيئا من ذلك ، وإنما سيشعر أنّ هناك قوة أعظم من كلّ ذلك ، هي التي تحدّد مصيره ، وبيدها إنقاذه من الهلاك ، وحينئذ يتجه نحوها يطلب الخلاص ، وذلك هو الله ربّ العالمين.
وبالرغم من أنّه لم يعبد الله بل عبد الطاغوت والشيطان الذي يتمثل في النفس الأمّارة أو المجتمع المنحرف ، إلّا أنّ الله سبحانه يستجيب له ، وينقذه من ورطته ، وعند ما يتخلّص من الهلكة ويصل الى شاطئ الأمان يعود إلى انحرافه وخطئه ، كما فعل بنو إسرائيل حين قالوا لموسى (ع) بعد ما خرجوا من البحر : «اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ» (٢) وهذه من طبيعة الإنسان في كل مكان وزمان.
إنّ قلب الإنسان يتصل بالله في الشدة وأوقات التذكرة ، ولكنّه في وقت الغفلة والنسيان والضغوط ينسى الله وعهده معه ـ وهذه هي بداية الانحراف ـ فهو يبدأ من نسيان الله ، وقدرته ، وهيمنته ، ولو لا ذلك لما استعبدتنا الأهواء ، ولما وجهتنا الأنظمة الاقتصادية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والعسكرية ، وغيرها.
إنّ الضمير الحيّ النقيّ هو الذي يبقى متوكّلا على ربّه باستمرار ، متصلا به في كلّ ظرف.
بينات من الآيات :
[٥٤] من أعظم ما يسعى اليه الأنبياء إنقاذ المجتمعات من الانحراف ،
__________________
(٢) الأعراف / (١٣٨).