ولكنه لا يدري أنّه لو شاء الله لتهاوى جميع الذين يجلسون على العرش ، ولتساقطوا كأوراق الخريف ، إنّ هذه الحقيقة قريبة من الإنسان ، ولو عاد إلى فطرته ، وفتّش في داخله لوجدها ، ولكنّه ينساها بسبب الشهوات ، والمشاكل ، والضغوط.
وحين يوجّهنا الله إلى الإيمان به ، فذلك لكي نستطيع السيطرة على أنفسنا؟ وتسخير الطبيعة من حولنا ، وإلّا سخرنا كلّ شيء ، وكما في الحديث القدسي :
«عبدي أطعني تكن مثلي أقول للشيء كن فيكون وتقول للشيء كن فيكون»
أمّا حين يخرج البشر من حصن الله ، ويبتعد عنه فإنّ كلّ ما في الطبيعة يستعبده ويسخّره ، كالذي صار شهيدا للحمار فلم يصلّ عليه رسول الله مع سائر الشهداء.
[٦٣] (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)
الهداية من عند الله ، فلو لم يلهمه صناعة البوصلة لضلّ طريقه ، ولو لم يرسل له الأنبياء لما عرف الحق والباطل.
وقد يتصور الإنسان أنّ البوصلة هي التي تهديه حينما يتيه في عرض البحر ، أو أنّ عقله هو الذي يهديه ، ولكن من الذي يلهمه معرفة الطريق حينما لا تنفعه البوصلة ولا يهديه العقل؟! ثم إذا كانت الهداية عن طريق العقل فهو من عند الله تعالى.
والمخترعون الكبار يقولون : إنّ الاختراعات نوع من الإلهام ، حتى أنّ بعضهم يتوصّل إلى الاكتشافات في حال النوم ، وكذلك يقول كبار الشعراء : إنّ الشعر شيء من الإلهام في غالب الأوقات.