وهكذا ينبغي للرسالي أن لا يأخذ الأمور بسذاجة عند ما يدخل بلاد الطغاة لأداء مهمة ما. ان موسى دخل المدينة ، وخرج منها ، وعاش فيها حذرا ، وبالتالي مستعدّا ومخطّطا لتصرفاته في شتى الظروف والاحتمالات.
وبينما كان موسى يمشي في المدينة ، وفي هذه الظروف الصعبة ، فإذا بالذي استغاثه بالأمس يستصرخه اليوم ، يريد منه ان يعينه على رجل قبطي آخر ، لكنه هذه المرة تفجر غضبا على الإثنين ، على الاسرائيلي باعتباره يورط الحركة الرسالية في صراعات غير مخطط لها ، قد تنعكس سلبيّا على خطط الحركة في التغيير ، ويبدو أن الرجل كان ممن تثيره عداواته الشخصية ، فتجره الى مواقف مرتجلة هذا من جهة ، ولكن ذلك لم يمنع موسى من نصرته فلقد هم بالبطش بالقبطي باعتباره ظالما من جهة أخرى.
ان خطأ الإسرائيلي الذي استحق عليه اللوم لا يكمن في استراتيجيته ، فهو مظلوم يتعرض للإهانة ، وربما للقتل ومن حقه الدفاع عن نفسه وكرامته ، انما يكمن خطأه في أسلوبه ، إذ فجر الصراع في ظرف ووقت غير مناسبين ، وهنا لا بد أن نعرف ان من أسباب فشل أيّ حركة هو اللاانضباط الذي من صوره وشواهده دخول أفراد الحركة في صراعات غير مخططة وبعيدة عن قرار القيادة.
لهذا نهر موسى (ع) الاسرائيلي وقاله له :
«قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك ، وأراد ان يبطش به ، وهو من شيعته» (١)
فزعم ان موسى (ع) يريد قتله ، فاتهم النبي (ع) بأنه لا يصلح للقيادة ، وأنّ
__________________
(١) نور الثقلين ـ ج (٤) / ص (١١٩).