وهم يبحثون عن أي فرصة للعمل الصالح دون ان ينتظروا من الناس ان يسألوهم العون. وقد قال القرآن في حق عيسى (ع) : «وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ» اي أينما حللت ، فالمؤمنون مبارك مقدمهم على مجتمع في دار الهجرة.
ولعلنا نستفيد من قيام موسى بهذا العمل ضرورة بناء علاقات اجتماعية تثبت التحرك الرسالي في مجتمع الهجرة ، كما يستفيد من خلالها في خدمة قضيته.
(قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ)
لا يستطيع ان يسقي الأغنام ، اما نحن ننتظر سائر الرعاة حتى ينتهوا فنسقي أغنامنا.
[٢٤] (فَسَقى لَهُما)
اننا نجد قسما من الثائرين يسقطون خدمة الناس من حسابهم ، بحجة ان العمل للقضية أهم من كل شيء.
أما موسى فانه يرى خدمة المستضعفين من أهم أهدافه ، لذلك سقى للامرأتين ، وكان فتى قويّا ، عركته صعوبات الحياة وتحدياتها ، وقد سقى لهما بدلو لا يطيق حمله الا عشرة رجال.
والواقع : إن من أهمّ صفات الأنبياء الإحسان الى الناس ، وبأمثال هذه الصفة اصطفاهم الله للرسالة ، فعند ما يتحدث القرآن عن اختيار الله للأنبياء كثيرا ما يقول : «وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ».
(ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)